عطالله وهبي 


اجتمع الفدرالي الأمريكي وانتظرنا تخفيض الفائدة، إلا أن ذلك لم يحدث، حيث تبين أن الدولار، مع زيادة الفائدة السابقة، ارتفع فعلًا، ولكن عاد لينخفض وخسر من قيمته. والعملة الأكثر تحسنًا في الأداء هي الين الياباني، واليورو، والجنيه الإسترليني. وعلى الرغم من رفع البنك الفيدرالي الأمريكي الفائدة بتدرج وعلى مراحل، إلا أن الدولار لم يتحسن، ولا يمكن للفيدرالي اليوم تخفيض الفائدة لتحسين الاقتصاد الأمريكي كما يأمل بايدن وإدارته، الذين يتجهون إلى الانتخابات.
تنصح "مورغان ستانلي" الأمريكيين من وجهة نظر اقتصادية بحتة بأن يستثمروا في الأصول مثل الذهب والعقارات، على اعتبار أن الدولار الأمريكي قد وصل فعلًا إلى السقف الأعلى له، حيث يتنافس معه البيتكوين والذهب عالميًا. 
"بلومبرغ" من جهة أخرى، تبحث في الخلفية السياسية لضعف الدولار، حيث اعتبرت أن استخدام الدولار كسلاح حربي في العقوبات الاقتصادية على روسيا وإيران (تجميد الأصول) يجعله سيفًا ذو حدين في استعمال الدولار في احتياطات الدول.
زد أن الدين الأمريكي بعد ٥ سنوات سيتخطى الناتج المحلي الأمريكي إلى ١٠٧٪ بحسب مؤسسات الكونغرس الاقتصادية للرؤية الاقتصادية، وأنه في عام ٢٠٥٤ سيكون الدين الأمريكي ١٦٦٪ من الناتج الأمريكي. بالإضافة إلى حرب أوكرانيا وحرب إسرائيل وتايوان، التي تزيد الضغط على الخزانة الأمريكية وقوة الدولار.
كما أن المراسيم لزيادة الدين في الكونغرس تسابق "الإغلاق الحكومي"، وهذه المقدمة مهمة لفهم تراجع الدولار وضعفه فيما يتعلق بانضمام الإمارات والسعودية إلى "بريكس".
العام الماضي، وجهت "بريكس" دعوات إلى مصر والسعودية والإمارات وإثيوبيا وإيران والأرجنتين للانضمام إليها، وكان من المفترض أن تنضم السعودية في بداية هذا العام، وهو ما لم يحدث. 
"أوبيك بلس"، مع الحفاظ على خفض الإنتاج الطوعي إلى ٢.٢ مليون برميل شهريًا، لا تزال غير قادرة على المحافظة على سعر برميل النفط وتحقيق توازن سوقي مع الإنتاج النفطي لأمريكا وكندا والبرازيل وغيانا.
إذا، الدولار يتراجع، والسعودية مع "أوبيك بلس" لا تقيم توازنًا في رفع سعر برميل النفط. هذا كله يرجعنا من الاقتصاد إلى السياسة.
سيكون على أميركا والسعودية ترتيب أمورهما معًا من أجل الحفاظ على مكانة الدولار من جهة، ومن أجل توازن في سعر النفط من جهة أخرى. هذا الترتيب المرتقب سينتظر حكم الانتخابات الأمريكية القادمة، وسيكون على حساب الصين (التفاهم السعودي الإيراني)، وفي حل الدولتين في فلسطين وفي معاهدة دفاع مشترك أميركية - سعودية. هذا إذا لم تفشل الهدنة وتفرض كل ما سبق بين السعودية وإدارة البيت الأبيض.

 

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )