لبنان: من حرب المشاغلة الى حرب المخيمات
24-03-2024 03:38 PM GMT+02:00
لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن خفّت حدّتها بعض الشيء. في المقابل خفت وتيرة حرب "المشاغلة" التي يخوضها "حزب الله" ضد إسرائيل توازياً مع حرب غزة، لكنها مستمرة. بمعنى أن محور الممانعة يقول لإسرائيل والولايات المتحدة إنه ملتزم بخفض مستوى القتال على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية تبعاً لحدة القتال في غزة. وبالتالي فإن طهران عبر فصيلها الأهم في المنطقة تبعث برسالتين في اتجاهين تأمل أن يلتقيا: الأولى أنها غير معنيّة بالحرب المفتوحة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، ولكنها معنيّة بالمساهمة في "نصرة" غزة ضمن إمكانياتها وعلى طريقتها. والثانية، أنها ستوقف إطلاق النار على كل الجبهات من لبنان، الى سوريا والعراق وصولاً الى اليمن متى توقف إطلاق النار في غزة.
تريد طهران التي تشرف على فقدان ورقة حركة "حماس" في قطاع غزة أن تضخ بعض الحياة في شرايين ما سيبقى من "حماس" بعد توقف الحرب. ففي القطاع سيبقى لـ"حماس" وجود سياسي وأمني غير مرئي، حتى لو هزمت وأخرج معظم قادتها من العسكريين والامنيين والسياسيين الكبار من غزة. وفي الضفة الغربية التي جرى تحييدها عموماً سيبقى للحركة وجود ونشاط. أما في الشتات الفلسطيني في الإقليم فيتوقع أن تدعم طهران "حماس" لكي تصبح القوة الأكبر والأقوى في لبنان وسوريا. وبهذا المعنى فإن إيران ستدفع "حزب الله" في لبنان لخوض معركة فرض سيطرة حركة "حماس" على المخيمات الفلسطينية، وأولها عين الحلوة. وفي الوقت عينه ستعزز "حزب الله" في علاقاته مع "الجماعة الإسلامية" بهدف تأمين حماية داخل جزء من الرأي العام السني اللبناني خلال مرحلة خوض معركة الاستيلاء على المخيمات. والمعركة التي نتحدث عنها قد تكون عنيفة جداً في عين الحلوة أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني خارج الأراضي الفلسطينية نفسها. فالورقة الفلسطينية التي تمسك بها إيران تضررت في الداخل الفلسطيني، وبالتالي تحتاج طهران الى الاستعاضة عنها بروافد من أقرب الساحات أي لبنان. ومخيمات لبنان وحدها تمتلك "شرعية" تاريخية وحيثية سياسية وأمنية مستقلة نوعاً ما عن سلطة البلد المضيف. وكما أن "حزب الله" شرع ساحة الجنوب أمام حركة "حماس" وفصائل أخرى بعضها لبنانية، فقامت بعمليات قصف للشمال الإسرائيلي، بهدف تسجيل نقاط سياسية، فإن "حزب الله" سيكون الراعي لمشروع تسليم المخيمات في لبنان الى حركة "حماس" ومعها "الجهاد الإسلامي" وفصائل أخرى متحالفة معها.
معلوم أن معركة اليوم التالي في غزة قد بدأت وبدأت معها مرحلة رسم معالم المشهد السياسي والأمني في قطاع غزة بعد تقويض حكم حركة "حماس". ومعلوم أيضاً أن المعركة التي نتحدث عنها ستشتعل على أكثر من محور: السلطة الوطنية ضد "حماس". وبعض الدول العربية ضد "حماس" والسلطة معاً. وإسرائيل ضد الجميع في محاولة لإطالة أمد الحرب وتصفية ما أمكن من الحقوق الفلسطينية بفرض أمر واقع يصعب التراجع عنه. ومن هنا نتوقع أن تتوقف الأعمال الحربية بين "حزب الله" وإسرائيل، وأن تبدأ حرب التصفيات الفلسطينية على أرض لبنان لإنعاش الورقة الفلسطينية التي تحملها إيران بعدما تضررت الى حد كبير في حرب غزة.
فلينتظر اللبنانيون حرب مخيّمات تعقب حرب "المشاغلة"!
المصدر : النهار