وائل الزين


بالرغم من بروز دور حزب الله والتأثير الإيراني كعناصر محوريّة في صوغ ملامح النفوذ الإقليمي، مع تطوّر الأحداث في غزّة وتدخّل حزب الله المباشر في النزاع، تتشابك الأهداف العسكرية والسياسية بطريقة تخدم في نهاية المطاف إستراتيجية طهران الأوسع لتعزيز نفوذها في المنطقة ولكن بالنسبة للحزب فدوره سيبقى محصوراً في لبنان بدون قدرة على ترجمة هذا التوسُّع إقليميّاً.

 

الخسائر التي تكبّدها حزب الله في الصراع لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل أثّرت أيضاً على صورته ومكانته التي كان قد بناها بعد حرب 2006. رغم ذلك، فإنّ التوسُّع السياسي الذي حقّقه حزب الله، من خلال التفاوض المباشر وغير المباشر مع الدول الأوروبيّة والولايات المتّحدة وتسليم ملفّ الموقوفين اللبنانيين في الإمارات، يظهر مرونة استراتيجية تخدم أهداف إيران الإقليمية وهي محاولة من الحزب لإظهار نفسه كحاكم بأمره على لبنان.

 

هذا النموذج من التحرّك يعكس تطلُّع إيران للتحكّم في مسارات النفوذ الإقليمي، حيث تعمل على تعزيز دور حزب الله كأداة في تحقيق مصالحها الاستراتيجية، مع الحفاظ على السيطرة الكاملة على خيوط اللعبة الإقليمية. الاستراتيجية الإيرانية تكمن في توظيف حزب الله ليس فقط كقوّة عسكريّة بل كرافعة سياسية تعمل على توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، مع الحرص على ألّا يتجاوز حزب الله الدور والنطاق المحدّد له ضمن الإستراتيجية الإيرانية الأوسع.

 

التوجُّه الإيراني نحو تركيز القرار في طهران حصراً والحدّ من استقلالية أذرعها الإقليمية يمكن رؤيته أيضاً في إدارة علاقاتها مع الفصائل المسلّحة والحكومات. هذا يشير إلى رغبة طهران في الحفاظ على مرونة تكتيكيّة تسمح لها بالتنقُّل بين مختلف السيناريوهات الإقليمية مع الحفاظ على الهدف النهائي: تعزيز النظام وضمان استمراريّته.

 

إنّ الديناميكيّات الحاليّة تبيّن أنّ حزب الله، بالرغم من كونه فاعلاً محوريّاً في النزاعات الإقليميّة ولكن دوره سيبقى محليّ حصراً بعكس ما يحاول الحزب أن يوهم به الداخل. أمّا إقليميّاً فسيظلّ جزءاً من الشبكة الأوسع للنفوذ الإيراني، حيث تحرص طهران على أن تبقى مركزيّة القرار والتوجُّه الاستراتيجي تحت سيطرتها، مؤكّدة بذلك على دورها كقوّة إقليميّة رئيسيّة في الشرق الأوسط.

 

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")