حسين عطايا - كاتب وباحث سياسي


هناك معارضون لبنانيون يعارضون كل شيء، لكنهم لا يقدمون شيئًا في المقابل. عُقِد لقاء في معراب بناءً على دعوة من القوات اللبنانية وكتلتها النيابية، وحضره الكثيرون من الحريصين على لبنان. جرى اللقاء السبت الماضي في السابع والعشرين من الشهر الحالي نيسان/أبريل، نتيجة تطورات الأوضاع في الجنوب والتخريب والدمار وفقدان الأرواح والموارد للبنانيين، والجنوبيين بشكل خاص. كان الحضور متنوعًا من مختلف قوى وشرائح المجتمع اللبناني، شمل حزبين ونوابًا وأصحاب أفكار وإعلاميين وسياسيين، يُمثِّلون الرأي السياسي المعارض لاستمرار لبنان كساحة صراع للآخرين على أرضه وشعبه. 

صدر بيان عن المشاركين يظهر فيه ما تم مناقشته في اللقاء والمخاوف التي يشعر بها المشاركون والأغلبية العظمى من المجتمع اللبناني، خاصةً تطبيق القرار 1701، والذي  لا يعلم أنّ القرار 1701  بنصه الحرفي يتضمن حرصًا على تنفيذ القرارين 1559 و1680 واستكمال تطبيق اتفاق الطائف. يعني تطبيق القرار الأممي تنفيذ كل ما يحمي سيادة لبنان ويجعله دولة بكل معنى الكلمة، مع مؤسسات رسمية واحدة، جيش وقوى أمنية واحدة تسيطر على ترابها الوطني دون تدخل من أي جهة في الأمن والسيادة وقرارات الحرب والسلم.

وفي هذا السياق، جاءت الردود والبيانات التي اتهمت الحضور بالخيانة والعمالة. حتى وصف المفتي الجعفري الممتاز والمطعون بشرعيته أحمد قبلان اللقاء بأنه لقاء إسرائيلي. جاءت باقي الردود من نفس المحور الذي يعرف أهدافه، وهو الرغبة في استمرار لبنان كساحة للصراعات دون حكم أو مؤسسات دولة تدعمه.

 يُؤكد اللقاء بذاته أن لبنان لم يسقط بعد تحت حكم حزب الله بالكامل، بل لا يزال هناك قوى معارضة تؤمن بسيادته واستقلاله، بغض النظر عن الحضور والمواقف أو الصفات. البيان الختامي، الذي ألقاه النائب وضاح صادق، يُمثِّل تطلعات الشعب اللبناني بتنوع فئاته ومذاهبه وسياساته، والذين يسعون لبناء وطن يستحق أبناؤه العيش فيه.

إذًا، التخوين والاتهام بالعمالة للمشاركين في اللقاء من يختلفون معهم هو نتيجة خوف من انهيار مصالحهم وكشف عمالتهم للخارج. تُعبر الردود المنسجمة تقريبًا عن تضرر المصالح والخوف من المستقبل الذي قد يجلبه بعد أيام أو شهور، والذي قد يُخلِّف بعض الأمور التي تصب في مصلحة الخارج وممثليه في لبنان، أو تقليل أهميتهم، وخوفهم على مناصبهم وامتيازاتهم نتيجة تبعيتهم للخارج.

اللقاء، بمشاركة المشاركين فيه، يُعبر عن آراء وأفكار الشريحة الكبرى من اللبنانيين الذين يسعون لبناء وطن يستحق أبناؤه العيش فيه.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" ).


المصدر : Transparency News