وسيم جانبين - صحافي


بعد المهرجان الذي أقامه حزب البعث في البقاع، أصبح من الممكن وصف هذا الحزب العتيق بأنه انطلق في مرحلته الحالية بنكهة حجازية (نسبةً إلى أمينه العام علي حجازي).

على مدى أكثر من ستة أشهر، جال حجازي على بلدات وقرى البقاع الغربي، حيث استمرت اللقاءات مع الأهالي لساعات طويلة. لم تقتصر هذه الزيارات على النقاشات فحسب، بل بشّر حجازي "بدور سوريا الأسد في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة" واستعرض الشعارات البطولية والمقدسة، التي تجسد دعم الحضور لمحور الممانعة.

كانت الزيارات فرصة لتعزيز التضامن مع محور الممانعة وتأكيداً لإعادة دور النظام السوري في لبنان، ومدى تأثير هذا الدور وتفعيله بعد حرب غزة وحادثة 7 أكتوبر.

البعث يتم بعثه من جديد، عبر حجازي صاحب الصوت الجهوري الغني بمفردات التخوين. في ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان، أراد حجازي "تأكيد بقاء دور سوريا الأسد في لبنان"، من خلال تعزيز الهيكلية التنظيمية لحزب البعث العربي الاشتراكي. وقد وضعت الممانعة بتصرف الأمين العام كل إمكانات الجذب اللوجستية وحشدت له من لبنانيين وسوريين، ووضعت في جيبه مفتاحاً سحرياً كلما حركه أفرج عن معتقلين لبنانيين في الداخل السوري، بهدف إنعاش الحزب من حالة الركود السياسي والاجتماعي التي مر بها منذ سنوات. أما التركيز فهو على البيئة السنية، حيث قام بزيارات مكثفة إلى القرى والبلدات السنية في البقاع الغربي، وكان هذا الحضور مدعومًا دائمًا بالحضور الإلزامي لسرايا المقاومة وعناصر حزب الاتحاد.

كانت أولوية حجازي واضحة في الحملات الإعلامية والتسويقية، مما أظهر تغييرًا جذريًا في استراتيجية الحزب الذي عانى من حالة خشبية مزمنة. كما استهدف حجازي البيئة السنية الحدودية، التي تربطها علاقات المصاهرة والقرابة بالداخل السوري، محاولًا استقطابها، عبر وعود أطلقها مناصروه والتي كانت تسبق زياراته دائمًا عن إمكانية مساعدته لأي شاب أو شابة لديهم مشكلة في دخول سوريا بإزالة اسمه عن اللائحة السوداء، اللهم أن لا يكون طالب شطب الإشارة متورطًا بأي عمل يصفه النظام بالإرهاب، أو أي عمل يمس الأمن القومي السوري.

لكن حسابات حجازي خلال الزيارات المكوكية لم تكن مشجعة. فعلى أرض تلك القرى والبلدات، لم تكن المشاركة فاعلة، حيث أُفيد عن حضور خجول لتلك الشخصيات التي زارها خلال الأشهر السابقة، بما في ذلك رؤساء البلديات ومخاتير القرى والبلدات. واقتصرت الأعداد على أنصار النائب حسن مراد وموظفيه، وأنصار حزب الله وحركة أمل، الذين خصص لهم باصات خاصة لنقلهم من قراهم إلى مكان المهرجان في بلدة الخيارة، معقل حزب الاتحاد المدعوم من حزب الله. وأفادت تقارير صحافية عن حضور كثيف لسوريين شاركوا بأعداد جيدة في المهرجان، اختصوا بحمل اللافتات وبإشراف وتنظيم مباشر من سرايا حسن مراد.

حاول حجازي جاهدًا تنظيم حملة تسويقية بقيادته، لتعزيز دور سوريا في لبنان، إلا أن الاستجابة كانت ضعيفة، مما يشير إلى عدم انسجام النفس البقاعية مع النظام السوري وحلفائه، وإلى عدم تقبل عودة نهج وسياسة هذا النظام إلى حياة اللبنانيين، وأن البقاع بات خارج حسابات الخاصرة الرخوة لحزب الله.

وبالرغم من اليأس والإحباط المرافقين للبقاعيين، هم لا زالوا يؤمنون بضرورة الخروج من أنظمة الأحزاب التقليدية والديكتاتورية، وأن الشعب العربي بحاجة للمزيد من الديمقراطية والحرية، وأن حكم القبضة الحديدية بات من الماضي في ظل التطور المجتمعي والوعي المواطني.

 

( هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News