خالد العزي


أصبح واضحًا الآن أن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة تحت السيطرة الأمريكية التي تحدد طبيعتها ونوعيتها، وخاصة فيما يتعلق بالرد والرد المضاد. تهدف الولايات المتحدة من خلال هذه المواجهة إلى الحفاظ على ماء وجهها أمام الطرفين.

منذ بداية الأحداث في غزة في السابع من تشرين الأول، كانت الولايات المتحدة حريصة كل الحرص على عدم تمدد شرارة الحرب إلى المناطق المجاورة، لكي لا تنعكس شظاياها على مناطق  الجوار وتؤدي في النهاية إلى تدخل أمريكي.

تتبنى الولايات المتحدة موقفًا ثابتًا يعتمد على التصعيد المنضبط الذي يخدم أهداف كل طرف من أطراف الصراع، فالطرفين المتصارعين هما حاجة واضحة لواشنطن في  منطقة الشرق الأوسط "منطقة النفوذ الأميركية".

المشكلة تكمن في أن تل أبيب نجحت في جرّ إيران لمواجهة مباشرة بعد أن كانت الحروب الإيرانية بالوكالة، حيث كانت تستخدم إيران أذرعها في المنطقة للحفاظ على مصالحها ولرفع شروطها في التفاوض. لكن المواجهة الصاروخية الأخيرة حشرت طهران في الزاوية بعد أن كانت تحاول تبديل الضربة على إسرائيل بحوافز أخرى مع الولايات المتحدة، لكن فشلها في إحراز نقاط لصالحها أجبرها على السلوك الصاخب الذي حاولت الاستفادة منه إعلاميًا  بطريقة منضبطة لتقديم أوراقها لدى الإدارة الأميركية لرفع شروطها من خلال تحديد طبيعة الضربة ومكانها وتاريخها. وهذا لدى الكيان الإسرائيلي أيضًا، وكان الاثنان يقدمان أوراق اعتمادهما للمايسترو الأميركي للوصول إلى نفوذ ومكاسب في المنطقة.

الضربة أدت إلى إحراج إيران لعدم قدرتها على إزالة الكيان الصهيوني كما ادعت، وأصبحت موضوعًا للسخرية. لم تتمكن من تحقيق مكاسب لصالحها أو فرض توازن الرعب. ورغم التهليل الإعلامي للضربات الإيرانية، إلا أن رد إسرائيل أظهر ضعف القدرات الصاروخية الإيرانية. لقد نسيت إيران أن الرد على أصفهان كان أقوى بكثير، لكنها تجاهلت ذلك لعدم الدخول في دوامة الرد والرد المضاد.

لذا، فإن التصعيد بين البلدين لا علاقة له بتحرير فلسطين، وإنما يرتبط بمصالح كل طرف ضمن إطار الدعم الأمريكي.

 

( هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )

 


المصدر : Transparency News