د.خالد العزي


مما لا شك فيه بأن روسيا تفاجأت بعد تصويت الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي لجهة التوافق بالأكثرية على مساعدة أوكرانيا بتقديم مساعدات مالية ولوجستية بقيمة واحد وستين مليار دولار أميركي.

 المساعدات التي قدمتها واشنطن لكييف هي التي فتحت المجال، حيث تخطت ذلك لتشمل بريطانيا وكندا، ولتكر السبحة لاحقًا بتدفق المساعدات الغربية للنظام الأوكراني الذي كان في أشد الحاجة لهذه الرزم منذ العام الماضي.

طبعًا، المساعدات الأمريكية والغربية لم تبقَ في حدودها المالية واللوجستية، بل هي رسائل واضحة لروسيا، مفادها أن الغرب الأطلسي لن يتخلى عن أوكرانيا ولن يسمح بأي تغيير كانت روسيا قد أحدثته في الفترة التي كانت غامضة جدًا لجهة المواقف الأميركية والتأخير الأوروبي.

روسيا فهمت هذه الرسائل التي أعلنت عنها سريعًا، بأن هذا الدعم الغربي لنظام الرئيس زيلينسكي سيمد بعمر الأزمة ويزيد في الدمار والقتل. فكانت روسيا تحاول فرض واقع قبل اتخاذ هذه القرارات التي ستعيق فرض خطتها على الغرب، من خلال التغيير الميداني الذي كانت روسيا تسعى إليه خلال شهر مايو المقبل، والمتعلق بإسقاط أكبر مدينة (خاركوف) في الشرق والجنوب، مما يعني فرض واقع على الغرب وكييف. من خلال تغيير الخريطة الميدانية التي حافظت عليها كييف طوال السنتين بظل النقص الحاد بالإمداد والسلاح لكي ترفع موسكو شروطها في التفاوض الذي تسعى له روسيا مع الولايات المتحدة، ولكي تبعد أوروبا عن هذه المفاوضات وإبقاء الخوف مسيطرًا على هذه العواصم من الدب الروسي الذي قد يطرق أبواب أي عاصمة يريدها.

ولكن الدعم الغربي عمومًا والأميركي خاصة وضع روسيا في حرج واضح، لجهة عدم إكمال خطتها التوسعية، التي ستكون كييف بواسطتها قادرة على ضرب العمق الروسي وفرض معادلات جديدة قد تحرج وتربك روسيا لفترة طويلة، وهذا يعني أن الاستنزاف الغربي مستمر، وروسيا ستكون في مرمى العاصفة الغربية التي وضعتها في مواجهة غير متكافئة مع كييف.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News