ادعى المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضي طانيوس صغبيني على 12 شخصًا (بينهم خمسة موقوفين فقط) من عصابة اغتصاب الأطفال وتصويرهم، وحوّل ملف هذه القضية إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، القاضي نقولا منصور، الذي من المفترض أن يحدد مواعيد جلسات استجواب المدعى عليهم خلال الأيام المقبلة.


تحقيقات أولية
وحسب المعطيات التي حصلت عليها "المدن"، تقدم في الفترة الماضية أربعة أشخاص بشكوى أمام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية ضد 13 شخصًا بجرم "تأليف عصابة لاستدراج الأطفال". وكان لافتًا أن واحدًا من الأسماء المذكورة في الشكوى هو سجين، ويشتبه بأنه ساعد أفراد العصابة في استدراج الأطفال عبر تطبيق "تيك توك" من داخل السجن!

أجريت التحقيقات الأولية، وبعد تسريب تفاصيل هذه القضية، تشجع بعض الضحايا على تقديم إفاداتهم أمام الأجهزة الأمنية. وتبيّن أن هناك عصابة مؤلفة من 30 شخصًا قامت باستدراج المئات من الأطفال وتخديرهم واغتصابهم وابتزازهم. وهي ممولة من ثلاثة أشخاص يتواجدون خارج الأراضي اللبنانية. وحسب المعطيات القضائية، فهم يتوزعون بين الإمارات وتُركيا والسويد. وعمدوا إلى تمويل أفراد هذه العصابة بمئات آلاف الدولارات من أجل توثيق عملية اغتصاب الأطفال، وتنظيم الحفلات الخاصة. كما جرى التداول أن هناك استنابة قضائية أجنبية حُولت للقضاء اللبناني منذ أكثر من عام، وجاء في مضمونها أن هناك "مجموعة دفعت مبالغ مالية مرتفعة لعصابة تتواجد داخل الأراضي اللبنانية مقابل الحصول على مقاطع مصورة توثق عمليات اغتصاب الأطفال وتعذيبهم".

وعلى هذا الأساس، نفى مصدر قضائي رفيع المستوى لـ"المدن" "وصول هذه الاستنابة إلى النيابة العامة التمييزية".

في السياق نفسه، أفاد أحد الضحايا أمام الأجهزة الأمنية أنه استدرج إلى أحد الشقق السكنية في طرابلس، وأجبر على تعاطي المواد المخدرة من قاصر لا يتجاوز السادسة عشر من عمره (وهو من بين الموقوفين ومتهم باستدراج الأطفال)، ومن ثم قام أحد أفراد العصابة باغتصابه. وحسب إفادته، فإن المحامي خالد مرعب كان متواجدًا داخل هذه الشقة (وهو من المتهمين أيضًا بهذه القضية).

شبكة إجرامية
وواقع الحال، فقد تضمن الادعاء على 12 شخصًا، ومن بينهم الموقوف جورج مبيض، بول المعوشي، بيتر نفاع، صاحب محل للألبسة في برج حمود، وسائق التاكسي المتهم بنقل الأطفال، اتهامهم "بتأليف شبكة إجرامية للإتجار بالبشر وتبييض الأموال، وذلك نتيجة استخدامهم لتطبيق التيك توك بأسماء مزورة من أجل استدراج الأطفال وممارسة العنف عليهم واغتصابهم وإبتزازهم وتهديدهم". ووفقًا لمعلومات "المدن"، فإن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية استمع خلال الفترة الماضية إلى أكثر من 12 إفادة، وكانت التفاصيل متشابهة إلى حدٍ ما. وكل طفل عرض جميع التفاصيل عن المجموعة التي اغتصبته، وعن الحيل التي استخدمت لاستدراجه. علمًا أن هناك أكثر من ثلاثة أطفال أكدوا أن فتيات قمن باستدراج الضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه وحتى كتابة هذا التقرير لم يتم بعد توقيف أي واحدة منهن في هذا الملف. وحسب إفادة أحد الضحايا، فإن شابة تواصلت معه عبر تطبيق "الانستغرام" وأوهمته بعلاقة عاطفية، وأرسلت له صورها الخاصة وهي عارية، ومن ثم استدرجته إلى شقة سكنية، وبعد وصوله  تفاجأ بوجود عدد من الأطفال بالداخل، وظهرت مجموعة من أفراد العصابة ووزعت ألواح الشوكولا عليهم (التي تحتوي على مواد مخدرة) وقاموا باغتصابهم.

وأكد مصدر قضائي في حديث خاص لـ"المدن"، أن القضية لم تنته بعد، وأن هذا الادعاء هو مرحلة أولية فقط، وستحتاج القضية إلى أسابيع إضافية. إذ يتم استكمال الإفادات وتجميع الأدلة على المتهمين. مؤكدًا أن القضاء اللبناني يتجهز لإصدار مذكرات توقيف وجاهية بحق الموقوفين، ومذكرات توقيف غيابية بحق المتوارين عن الأنظار والمتواجدين خارج الأراضي اللبنانية. وهذه المذكرات ستعمم عبر الإنتربول الدولي بهدف إلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى القضاء اللبناني.

صار واضحًا أن القضية ستحتاج إلى أسابيع إضافية للكشف عن جميع هويات المتورطين، والمؤكد اليوم أن التحقيقات ستظهر تفاصيل إضافية حول هذه العصابة وتاريخها في العمل الإجرامي.  


المصدر : المدن - فرح منصور