فرح منصور


نتيجة توفر الأدلة الكافية وتوسع التحقيقات القضائية خلال الأيام الماضية، تمكنت قضية عصابة الـ"تيك توك" من الدخول في مسار قضائي مختلف. إذ يتجهز القضاء اللبناني لبدء التعاون مع مجموعة من الدول. وذلك بعد تعميم أسماء بعض المتورطين في هذه القضية والمطالبة بملاحقتهم دوليًا، وإلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى القضاء اللبناني لمعاقبتهم.

تعاون دولي
منذ أيام، اتهم القضاء اللبناني أفراد العصابة "بتأليف شبكة إجرامية للاتجار بالبشر وتبييض الأموال واستدراج الأطفال وتخديرهم وإجبارهم على تعاطي المخدرات واغتصابهم وتصويرهم ومن ثم إبتزازهم"، وشمل الادعاء أسماء الأشخاص المتواجدين خارج الأراضي اللبنانية، ومن بينهم بول المعوشي وبيتر نفاع. وهنا تحركت النيابة العامة التمييزية، وراسلت الإنتربول بهدف توقيفهما. فهما يتواجدان في السويد والإمارات العربية المتحدة. كما أن هناك أسماء أخرى تتواجد في سويسرا وتُركيا. وبعد مراسلة القضاء اللبناني للإنتربول، تبدأ النيابة التمييزية بتجهيز وإعداد ملف استردادهم وتحوله إلى البلدان المعنية، وذلك بهدف تسليمهم إلى القضاء اللبناني. وحسب معلومات "المدن" فإن النيابة العامة التمييزية ستراسل الإنتربول مرة أخرى خلال الأيام المقبلة بهدف تعميم باقي الأسماء.

عمليًا، محاضر التحقيقات الأولية التي أجريت في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية تسلّمها المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضي طانيوس الصغبيني، وقسّم هذه القضية إلى عدة مراحل. في المرحلة الأولى ادعى على 12 شخصًا من أفراد العصابة (من بينهم خمسة موقوفين فقط)، وحوّل ملفهم لقاضي التحقيق الاول في جبل لبنان، القاضي نقولا منصور، وفي المرحلة الثانية ادعى على 5 آخرين ومن بينهم فتاة تدعى غدير غنوي، هي التي استدرجت الأطفال إلى الشاليهات، وذلك بعد تكرار اسمها في العديد من إفادات الضحايا.

إصدار مذكرات التوقيف
بات العدد الرسمي للموقوفين لدى الأجهزة الأمنية هو 10 أشخاص من أصل 30، أما عدد المدعى عليهم فهو 17 (حتى كتابة هذا التقرير). وحسب معلومات "المدن"، فإن القاضي نقولا منصور يتجهز لإصدار مذكرات توقيف وجاهية بحق الموقوفين، وغيابية بحق المتوارين عن الأنظار والمتواجدين خارج الأراضي اللبنانية. كما أن لائحة جديدة تضم أسماء باقي المدعي عليهم ستصدر خلال المرحلة المقبلة، وذلك بانتظار توفر كافة الأدلة التي تدينهم.

وبعد مرور أكثر من عشرة أيام على تحرك القضاء اللبناني تستمر الأجهزة الأمنية في ملاحقة جميع المتورطين في هذه القضية. وتمكنت من إلقاء القبض على الفتاة التي أوقعت بالضحايا واستدرجتهم إلى شقق سكنية وشاليهات بهدف اغتصابهم وإبتزازهم.

إغراء متواصل
اسمها غدير غنوي، وتُعرف بـ"جيجي"، هي من أهم أفراد العصابة، ومهمتها استدراج العديد من الضحايا عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينهم الـ"تيك توك". وحسب الإفادات التي قُدمت أمام الأجهزة الأمنية، فإن جيجي تواصلت مع الضحايا خلال الأشهر الماضية، واستدرجتهم من خلال تحويل صورها الخاصة للضحية، زاعمةً أنها ترغب بعلاقة عاطفية مع الضحية، وفور موافقته، تطلب منه بعض الصور الشخصية، ومن ثم تقوم بدعوته إلى منزلها، ولحظة وصوله تستقبله العصابة وتغتصبه بعد تخديره.

والمعروف أن المدعى عليها غنوي هي من الشخصيات الشهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وظهرت في بعض المقابلات المصورة وهي تردد أنها "فتاة جميلة وذكية في آن معًا" لافتةً إلى أنها "تتميز بملامح غير عربية"، فوالدتها كورية الأصل، وصرّحت سابقًا أنها تمتلك الكثير من المال لأنها نجحت في استثماره بالطرق الصحيحة، وتدّعي أنها عارضة أزياء، كما أنها تمتلك سيارة فارهة من نوع "رانج روفر"، إضافة إلى أنها ظهرت في مقاطع مصورة برفقة مجموعة من أفراد العصابة، إضافة إلى ذلك فقد عمدت إلى نشر مقاطع مصورة لها على تطبيق "تيك توك" وهي شبه عارية، وبعد أن بدأت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على المتورطين، اختفت غنوي بشكل كامل عن جميع وسائل التواصل الاجتماعي وتوارت عن الأنظار وانقطع التواصل بها، إلا أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليها في بيروت مساء الجمعة 10 أيار.

أساليب متنوعة
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدن" فإن مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية تمكن من تحديد مهمة كل فرد من أفراد العصابة، وباتت القضية واضحة أمام القضاء اللبناني، وهي على الشكل التالي؛ جورج مبيّض وهو صاحب صالون حلاقة للرجال في منطقة السبتية، استدرج الضحايا إلى صالونه بحجة تصفيف شعرهم مجانًا، واعدًا إياهم بتصويرهم ونشر هذه المقاطع المصورة على صفحته الخاصة، أما صاحب محل الألبسة في برج حمود ويطلق عليه لقب "أبو"، فقدّم الكثير من الألبسة للضحايا وطلب منهم زيارته في المحل لتسليمهم الهدايا. بيتر نفاع المعروف بـ"ستيف" يقيم في دبي، وكان يتردد إلى لبنان بشكل منتظم وشارك عدة مرات في الحفلات الخاصة، وهو ممول العصابة. وحوّل مبالغ مالية للأطفال عبر تطبيق "تيك توك". بول المعوشي ويعرف بـ"جاي"، يقيم في السويد ويدير أهم مكاتب المراهنات في لبنان والخارج، ويمتلك خبرة واسعة في مجال القرصنة، إضافة إلى سائق التاكسي الذي تولى مهمة نقل الضحايا إلى الشاليهات لاغتصابهم. أما باقي أفراد العصابة فمهمتهم هي تخدير الأطفال وتوثيق اغتصابهم.


المصدر : المدن