تشهد أرمينيا موجة من الاحتجاجات الحاشدة ضدّ اتفاق سلام تمّ التوصل إليه مع أذربيجان، بعد موافقة الحكومة الأرمينية على إعادة القرى الحدودية التي استولى عليها جيشها في التسعينيات. يُثير هذا القرار مخاوف من أنّ يريفان قد تنازلت عن أراضٍ من دون ضمانات كافية، ممّا يُهدّد استقرارها الداخلي. في هذا المقال، نُسلّط الضوء على أبرز تطورات الأزمة، ونُناقش جذورها التاريخية، ونُلقي نظرة على ردود الفعل الشعبية على اتفاق السلام.


تواصل التوترات في أرمينيا، حيث أعلنت الشرطة عن توقيف 151 شخصًا من المتظاهرين الذين حاولوا قطع محاور رئيسية في العاصمة يريفان، احتجاجًا على نقل أراضٍ إلى أذربيجان في إطار اتفاق سلام بين البلدين.

وكانت الشرطة قد أكدت في وقت سابق توقيف 88 شخصًا، مشيرةً إلى أنهم أوقفوا على خلفية "رفضهم الامتثال" لأوامرها.

ويأتي ذلك بعد موافقة الحكومة الأرمينية على إعادة القرى الحدودية التي استولى عليها جيشها في التسعينيات، في إطار مساعيها للتوصل إلى اتفاق سلام بعد عقود من النزاعات الإقليمية مع باكو.

ولكن هذا القرار، الذي اعتبره البعض تنازلاً غير ضروري، أثار موجة من الاحتجاجات الحاشدة على مدى أسابيع في البلد الواقع في منطقة القوقاز، كان أبرزها في التاسع من مايو مع احتشاد عشرات الآلاف في يريفان.

وكان المتظاهرون قد قاموا بقطع طرق رئيسية، منها المحور الرئيسي الرابط بين شمال أرمينيا وجنوبها، ودعوا إلى استقالة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان.

وتعود جذور الأزمة إلى حرب ناغورنو قره باغ، حيث استعادت أذربيجان السيطرة على الإقليم المتنازع عليه بعد هجوم خاطف شنته في سبتمبر، منهيةً عقودًا من النزعة الانفصالية التي اعتمدها السكان الأرمن، والذين غادروه جميعًا تقريبًا بعد الهجوم.

وخاضت أرمينيا وأذربيجان حربين، في تسعينيات القرن الماضي وفي عام 2020، للسيطرة على ناغورنو قره باغ.

وفي مارس، وافق باشينيان على إعادة أربع قرى حدودية مهجورة كانت جزءًا من أذربيجان عندما كان البلدان ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي، واستولت عليها يريفان خلال حرب في تسعينيات القرن المنصرم.

لكن بعض الأرمن في القرى المجاورة اعتبروا أن القرار سيعزلهم عن سائر البلاد، واتهموا باشينيان بالتنازل عن أراضٍ من دون ضمانات للحصول على أي مكاسب في المقابل.

وبعد هزيمة أرمينيا في 2020، فقدت يريفان السيطرة على أجزاء كبيرة في ناغورنو قره باغ وفي محيط هذه المنطقة التي كانت تشرف عليها منذ حوالى ثلاثين عامًا.

وتُشير التطورات الأخيرة إلى أنّ اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان لا يزال يواجه تحديات كبيرة، وسط مخاوف من أنّ تنازلات يريفان قد تُهدد استقرارها الداخلي.


المصدر : Transparency News