في علاقة تاريخية متراكمة بين لبنان وسوريا، شهدت الحدود بين البلدين تدفقًا مستمرًا لليد العاملة السورية نحو الأراضي اللبنانية. ورغم أهمية هذا التدفق في دعم القطاعين الزراعي والبناء في لبنان، إلا أنه أثار أيضًا العديد من التحديات والجدل السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة.


عبر مدار التاريخ، شهد لبنان تواجد السوريين في قطاعات مختلفة، بدءًا من الزراعة والبناء، حيث كانت الحاجة الضرورية تدفع لاستقطاب اليد العاملة السورية القريبة. يُقال إن البنية الجسدية للسوري تجعله أكثر قدرة على تحمل الظروف القاسية لهذه الأعمال، بينما يُعتبر اللبناني عادة غير ميّال لتلك الأعمال ولا يُحتملها.

على الرغم من وجود نظام الكفالة اللبناني الذي يوفر بعض الحماية القانونية للسوريين في لبنان، إلا أن هناك عددًا كبيرًا منهم لا يستوفي شروط النزوح ولا القوانين اللبنانية. ومنذ عام 2015 خاصة، لجأ العديد منهم إلى فتح محال تجارية مختلفة من دون الحصول على التراخيص اللازمة أو الإقامة القانونية، مما أثار تساؤلات حول تداعيات هذه الظاهرة.

وفي هذا السياق، يُشير الباحث محمد شمس الدين إلى أن السوريين يُفضلون البقاء في لبنان لأسباب اقتصادية أكثر من أسباب أمنية، خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا وتراجع قيمة الليرة السورية، مما يدفع الباب أمام المزيد من النازحين إلى لبنان، وبالتالي تزايد الضغوط على البنية التحتية والاقتصاد اللبناني.

ومع تفاقم مشكلة النازحين السوريين في لبنان، وعدم تطبيق القانون بشكل صارم، شهدت الأيام الأخيرة حملة من الأمن اللبناني لإغلاق عدد من المحال التجارية التي يديرها سوريون بطرق غير قانونية، مما أثار تساؤلات حول جدية السلطات اللبنانية في التعامل مع هذه القضية.

وفي هذا السياق، يُشير شمس الدين إلى ضرورة تطبيق القانون بصرامة فيما يتعلق بوضع النازحين السوريين، مع التفريق بين الأشخاص الذين يُساهمون في الاقتصاد اللبناني والذين لا يُساهمون، مع التأكيد على أهمية إحصاء دقيق لعدد النازحين ومواصفاتهم لضمان الإدارة الفعالة لهذه القضية.


المصدر : Transparency News