في خضم أزمة اقتصادية حادة، يعاني لبنان من أزمة فقدان الطوابع المالية التي زادت من معاناة المواطنين وأثرت سلباً على إيرادات الدولة. هذه الأزمة، التي كشفت عن ضعف في قدرة وزارة المالية على توفير الطوابع اللازمة بسبب نقص التمويل بالدولار، أدت إلى ظهور سوق سوداء تسيطر عليها قلة من المحتكرين، مما أضاف أعباء جديدة على كاهل المواطنين وأثار تساؤلات حول سبل الحلول الممكنة.


لم تكن أزمة فقدان الطوابع المالية سوى عاملاً إضافياً يزيد من معاناة المواطنين ويقلص إيرادات الدولة. مع بداية الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر الصرف، عجزت وزارة المالية عن توفير النفقات اللازمة بالدولار لطباعة الطوابع، وفقاً لمصدر مطلع لـ "LebanonOn". وقد أظهر تحقيق سابق أن الكميات المطبوعة لا تلبي حاجة السوق بسبب الزيادة الكبيرة في الرسوم الواردة في الموازنة، مما أكده أيضاً تقرير ديوان المحاسبة الذي كشف عن أن الأزمة تعود إلى طبع وتسليم كميات أقل بكثير من حاجة السوق.

هذا الوضع خلق بيئة مناسبة لمحتكري الطوابع الذين استغلوا الفوضى لتأسيس سوق سوداء، مما أدى إلى زيادة التكاليف والأعباء على المواطنين. وأوضح تقرير ديوان المحاسبة أن ندرة الطوابع دفعت بعض المرخَّصين إلى احتكار السوق عبر الحصول على كميات كبيرة بطرق مختلفة، ومن ثم بيعها بأسعار غير رسمية بحجة أن الجعالة البالغة 5% غير عادلة.

عجز وزارة المالية عن حل هذه الأزمة دفع ديوان المحاسبة للتدخل، حيث أعد تقريراً استغرق أكثر من سنة نظراً للأوضاع العامة وإضراب القطاع العام. وكشف التقرير أن السوق السوداء توفر حوالي 97% من احتياجات السوق للطوابع، وأن معظم أصحاب الرخص لم يلتزموا بالبيع بالسعر الرسمي وكانوا مكتومين ضريبياً فيما يتعلق بنشاط بيع الطوابع في الفترة بين 1 سبتمبر 2022 و31 يوليو 2023.

تقرير ديوان المحاسبة لم يكتف بتشخيص المشكلة بل قدم توصيات شملت وقف العمل بالوكالات كافة، وقف العمل بالرخص المخالفة فوراً، ملاحقة المرخَّصين المخالفين قانونياً، إحالة الموظفين المخالفين إلى القضاء وتوقيفهم عن العمل، إنهاء الاتفاق مع الجيش بشأن طبع الطوابع خلال ثلاثة أشهر، بدء تطبيق نموذج ص 14 فوراً، استرداد وصيانة آلات الوسم ووضعها في الخدمة خلال شهر، الاستيفاء النقدي لما يتجاوز 500 ألف ليرة من الطوابع، والإعلان عن مناقصة لتلزيم الطابع الإلكتروني، واسترداد الضريبة من المكتومين ضريبياً بمفعول رجعي.

التقرير الآن بحوزة وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، ويتناول أزمة فقدان الطوابع الأميرية وأسبابها والحلول المقترحة. من المتوقع إحالة التقرير إلى النيابة العامة التمييزية لاتخاذ إجراءات قانونية لحفظ المال العام وتسهيل معاملات المواطنين في الإدارات العامة وتعزيز الإيرادات، بهدف إنهاء سيطرة تجار السوق السوداء وضمان توفر الطوابع المالية بالسعر الرسمي.


المصدر : وكالات