مارون مارون - صحافي


تحاول "الخماسية" تحريك المياه الراكدة عبر طرحها لمشاورات محدودة تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون حاضرا في المحافل الدولية عند طرح التسوية المتعلقة بالمنطقة، ولعل هذا المسار يؤدي إلى إنزال لبنان عن خشبة غزة الذي رفعه إليها محور القتل والإجرام واستدرار الحروب والويلات، إلا أن المعطيات لا تؤشر إلى هذا المنحى.
ما يعزز هذه النظرية هي حركة المفاوضات الجارية بعيدا من الأضواء في عمان بين الولايات المتحدة وإيران التي نجحت في الجلوس إلى طاولة واحدة مع "الشيطان الأكبر" على حساب دماء اللبنانيين والفلسطينيين، واستثمرت في كل ضحية سقطت، وبالتالي سيكون لها ما تريد لناحية تخفيف العقوبات وعلاقات جيدة مع دول الخليج العربي، إضافة إلى استقرار في الداخل الإيراني.
هذا المشهد يقابله أرض محروقة في غزة، وشعب يحيا فوق آلاف الجثث من الضحايا التي قدمها السنوار على مذبح طهران لتعزيز دورها التفاوضي، كما وانتهاء لأي دور لكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وسقوط حلم حل الدولتين من خلال استحالة إقامة دولة فلسطينية.
أما على جبهة الجنوب، فلم تنضج التسوية بعد نتيجة التباين القائم بين طهران والضاحية الجنوبية، لأن الأولى تعتبر أن ما حصلت عليه من تقديمات في عمان هو الحد الأقصى الذي تحلم به، ولا فائدة من الإستمرار في مضايقة "دولة إسرائيل" عبر خاصرتها الشمالية، وقد آن الأوان لحزب الله أن ينكفئ وقد أدى دوره على أكمل وجه، إلا أن نصرالله يمانع هذا التوجه ويصر على "مشاغلة" إسرائيل و "مساندة" غزة التي باتت ركاما وأطلالا، وذلك حتى آخر حجر ومنزل وطفل وعجوز ومجاهد في الجنوب إنفاذا لنظرية "على طريق القدس"، فيما الحقيقة التي يخجل من قولها إن كل هذه الأثمان دفعت وتدفع "على طريق طهران" التي باتت معبدة وسالكة، فيما لبنان على فوهة بركان مالي واقتصادي واجتماعي وصحي قد يمتد بفعل هذا المسار لعشرات السنوات.
وحيال هذا المشهد، تبدو حكومة ميقاتي متفرجة لا تحرك ساكنا وقد سلمت أمر البلاد والعباد لمجموعة من المرتزقة تتباهى بأنها ستكون حيث يطلب منها أن تكون، وتقدم خدمات أمنية وعسكرية وتضحي بخيرة شبابها لخير طهران وعلى مساحة الكون والمعمورة، فيما لا شيء لأجل لبنان سوى استمرار رفعه فوق خشبة غزة يوم، وخشبة سوريا أيام، وخشبة طهران دوما، وفوق خشبة إسرائيل وتحرير القدس والأقصى مدى العمر والحياة... والسلام...

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News").


المصدر : Transparency News