في ظل تصاعد التوترات الأمنية في لبنان، تبرز قضية تهريب الأسلحة التركية كعامل مقلق يهدد الاستقرار. تكشف عمليات ضبط الشحنات الأخيرة عن شبكات تهريب معقدة ومستويات جديدة من التحديات الأمنية، مما يضع السلطات أمام مسؤولية كبيرة لكشف النقاب عن هذا النشاط الإجرامي وإحكام السيطرة على الحدود والموانئ.


تشهد الساحة الأمنية اللبنانية تطورات مقلقة مع تزايد الشحنات المهربة من الأسلحة التركية إلى البلاد. وسط معلومات عن وصول العديد من هذه الشحنات من تركيا في الأعوام الماضية، كشف تحقيق أمني جديد عن شحنة أسلحة كبيرة عبرت مرفأ طرابلس دون تفتيش. وفقاً لمعلومات "نداء الوطن"، ضبطت مخابرات الجيش شاحنة محملة بـ400 مسدس تركي بعد عبورها نقطة الجمارك دون أن تخضع للتفتيش أو تمر عبر أجهزة "السكانر"، وذلك بناء على قاعدة معتمدة في المرفأ تقضي بعدم تفتيش الشاحنات المحملة بالزيوت القادمة من تركيا.

وأفادت المعلومات أن الشاحنة المضبوطة تعود إلى تاجر يختلف عن التاجر الذي ضُبطت بضاعته في البترون مؤخراً، حيث كانت الشحنة موجهة إلى مدينة صيدا. كما وُضبت البضائع في الشاحنتين بطرق مختلفة. وقد تم توقيف السائقين وتواصل مخابرات الجيش تحقيقاتها لمعرفة المزيد عن الشبكة المتورطة في تهريب هذه الأسلحة.

أصدرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه بياناً مساء أمس جاء فيه: "ضبطت مديرية المخابرات في مرفأ طرابلس شاحنة تحمل 400 مسدس حربي مهرّب ومخفي داخلها، وأوقفت سائقها. سُلمت المضبوطات، وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص، وتجرى المتابعة لمعرفة وجهتها وتوقيف بقية المتورطين".

من جانبها، ذكرت "وكالة فرانس برس" أن شاحنة الأسلحة التركية التي ضُبطت قبل يومين تعود لأحد قاطني مخيم المية والمية للاجئين الفلسطينيين في الجنوب، وفقاً لمصدر قضائي بارز. هذا المصدر أفاد أن الأجهزة الأمنية ضبطت شاحنة في منطقة البترون تحتوي على 500 مسدس حربي من طراز ريتاي، وصلت إلى لبنان على متن باخرة قادمة من تركيا.

وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان حادثة أغسطس الماضي، عندما قُتل عنصر من "حزب الله" ومواطن لبناني في تبادل لإطلاق النار بعد انقلاب شاحنة تابعة للحزب كانت محملة بالذخائر قرب بلدة الكحالة . هذه الحادثة تثير تساؤلات حول مدى اتساع شبكة تهريب الأسلحة التركية وعلاقتها بالتصعيد الأمني في لبنان.

ومع تصاعد وتيرة ضبط شحنات الأسلحة التركية، تتزايد التساؤلات حول هوية التجار المتورطين وشبكات التهريب التي تمكنت من إدخال هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة إلى البلاد. ورغم نجاح الأجهزة الأمنية في ضبط بعض الشحنات وتوقيف المتورطين، يبقى السؤال الأكبر: هل يحين الوقت لكشف النقاب عن عالم عصابات تهريب السلاح التركي بدلاً من الاكتفاء بإعلانات ضبط الشحنات؟ وهل ستتمكن التحقيقات الجارية من تفكيك هذه الشبكات ووقف تدفق الأسلحة غير الشرعية إلى لبنان؟

تواجه السلطات اللبنانية تحديات جسيمة في هذا الملف، ويتطلب الأمر تنسيقاً أكبر بين الأجهزة الأمنية والقضائية، إضافة إلى دعم دولي وإقليمي لمكافحة تهريب الأسلحة والتصدي للأطراف التي تسعى لزعزعة الاستقرار في البلاد.


المصدر : Transparency News