خالد العزي


لم تكن الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي إلى بكين في 16-17 مايو الحالي مجرد زيارة عادية. فالطرفان ينظران إلى تعميق العلاقات بينهما بالسعي إلى إنشاء تحالف دولي مناهض للغرب والولايات المتحدة.
لقد نتج عن اللقاء بين الرئيسين بيان يوضح "الطبيعة الخاصة" للعلاقات الثنائية بين روسيا والصين، ويحدد المزيد من الطرق لتطوير العلاقات الثنائية، ويشير إلى "الدور القيادي لروسيا والصين في تشكيل نظام عالمي عادل وديمقراطي".
وتحدث عن الشراكة مع الصين والعلاقات الشخصية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتطرق إلى قضايا الهدنة في الصراع الروسي الأوكراني، والعمل في مجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون. وقال بوتين إنه وأفراد أسرته مهتمون بالثقافة الصينية، بل إن بعض أقاربه يدرسون اللغة الصينية.
مع الصين، تم إنشاء جمعيات وآليات متعددة الأطراف مستقلة عن الغرب. وتعمل بنجاح، وأساسها مبادئ المساواة والعدالة والانفتاح والاحترام والمراعاة المتبادلة لمصالح بعضنا البعض.
وفي خطابه، عرض بوتين الدور الذي يلعبه تفاعل البلدين على الساحة الدولية لبناء "مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية" (التعريف الصيني للنظام العالمي الحديث)، وأعطى تقييماً قاسياً لتصرفات دول "المليار الذهبي"، ومقارنتهم بـ "أغلبية الناس على هذا الكوكب".
لكن النخب الغربية بقيادة الولايات المتحدة ترفض احترام التنوع الحضاري والثقافي، وترفض القيم التقليدية التي تشكلت على مدى قرون. وفي محاولة للحفاظ على هيمنتهم العالمية، انتحلوا لأنفسهم الحق في إخبار الدول الأخرى بمن يمكنهم أن يكونوا أصدقاء ويتعاونوا معهم، ومن لا يمكنهم أن يكونوا أصدقاء ويتعاونوا معهم. وهم محرومون من الحق في اختيار نماذجهم التنموية. لروسيا مصالحها السيادية التي لا تؤخذ بعين الاعتبار، فهذا الوضع لا يناسب روسيا ولا شركائها.

وركز بوتين على آفاق التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية وخطة السلام الصينية المكونة من 12 نقطة والتي تم الكشف عنها في فبراير 2023. وبعد أن أيد بوتين الخطة الصينية، أكد أن الاتحاد الروسي لم يرفض المفاوضات قط، لكنها تعطلت بسبب خطأ الغرب، الذي "يحاول باستمرار معاقبة روسيا، وعزلها وإضعافها، وتزويد سلطات كييف بالمال والمساعدات والأسلحة." وأكد بوتين أن "روسيا مستعدة للمفاوضات"، مذكّرًا بأن موسكو أجرتها في إسطنبول في ربيع عام 2022، لكن "بدلاً من التوقيع على اتفاق سلام، أعلن الجانب الأوكراني بشكل غير متوقع إنهاء المفاوضات".
إذن، لم يكن اللقاء بين الصديقين من أجل تنسيق المواقف الدولية لتعزيز العلاقة بينهما، بل محاولة روسيا للحصول على دعم عسكري من الصين يساندها في تغيير مسار المعارك الدائرة بينها وبين أوكرانيا في ظل الإعلان الغربي والأميركي عن تزويدهم بالسلاح المتطور لصالح كييف.

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News").


المصدر : Transparency News