أُعتبر قطاع السياحة في لبنان على مدى سنوات "بترول البلد" وذلك نتيجة الدور الأساسي الذي كان يلعبه ومساهمته بالنهوض الاقتصادي، باعتباره إحدى أهم مصادر الدخل في خزينة الدولة وهي تشكل ما يقارب 20% من الاقتصاد اللبناني حتى في ظل اصعب الظروف واقساها، اضافة الى تأمينه فرص عمل للعديد من المواطنين، وكان  لبنان الذي وصف يوما ما بأنه "سويسرا الشرق" يعتبر دوما وجهة سياحية جاذبة لعدد من السياح العرب والأجانب، لما يتمتع به من مميزات وخصائص قلّ نظيرها في دول اخرى، ان كان على صعيد طبيعته او تنوعه الثقافي والتاريخي ومدنه السياحية وحتى مطبخه المشهور عالميا، هكذا كانت عليه صورة لبنان الجميلة والحقيقية قبل العام 2005، اي قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث وصل عدد السياح في العام 2004 الى قرابة مليون ونصف سائح، معظمهم من دول مجلس التعاون الخليجي حيث يملك عدد كبير منهم قصورا ومنازلا في عدد من المناطق اللبنانية لا سيما في المناطق الجبلية وفي العاصمة بيروت، كما كان يحمل الاشقاء العرب معهم الى لبنان اجمل الذكريات من وطنهم الثاني، الذي كان على استعداد دائم لاستقبالهم وفتح ابوابه لهم، والترحيب بهم وتأمين أفضل الظروف لراحتهم، كل ذلك قبل ان يعكر "حزب الله" العلاقات اللبنانية المميزة مع اشقائه العرب لا سيما في دول الخليج .

 من هنا، بات القطاع السياحي يترنح وهو يواجه صعوبات جمة،  نتيجة عوامل كثيرة منها عدم الاستقرار الذي يعاني منه لبنان منذ العام 2005، والأحداث المتلاحقة والتطورات الامنية وتفلت السلاح وسيطرة "حزب الله" على مفاصل الدولة الاساسية، لذلك فان كل هذه العوامل وغيرها ادت الى تحول لبنان الى بلد غير جاذب للسياحة، وما زاد الطين بلة حرب" المشاغلة" الذي قرر "حزب الله" اقحام لبنان بها  غداة هجوم "طوفان الاقصى " اي منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وقد أدت هذه الحرب التي لا تزال مشتعلة الى تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني بشكل عام،  وعلى مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية والصناعية والعقارية والسياحية، حيث من المتوقع  تسجيل خسارة كبيرة من الإيرادات التي كانت متوقعة من قطاع السياحة في فصل الصيف المقبل، خصوصا في ظل غموض مستقبل الحرب وحالة الترقب والقلق الذي يعيشها لبنان نتيجتها والتي تخطت كل "الخطوط الحمر"، ومن تداعيات هذه الحرب تردد عدد كبير من المغتربين اللبنانيين بالمجيء الى وطنهم وزيارة الاهل والاقارب.

لذلك فان استمرار المواجهات في الجنوب ستبقى لها انعكاسات سلبية واضحة على القطاع السياحي باعتبار ان لبنان هو في "حالة حرب"، وهذا الأمر يقلق السياح ايضا ويبعدهم عن زيارة البلد، وتفيد المعلومات ان حجوزات الفنادق للصيف المقبل لا زالت " شبه معدومة" ، كما انه كلما طال امد الحرب زادت خسائر القطاع السياحي،  الذي لا أمل بنهوضه سوى بوقف الحرب جنوبا، لذلك فإنه وبحسب التوقعات المالية فان الاقتصاد اللبناني سيخسر خلال عطلة الصيف مليارات من الدولارات التي كان يمكن ان يتم ضخها من قبل السياح والمغتربين على حد سواء.

وبانتظار تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود بالنسبة للمواجهات العسكرية المحتدمة على جبهة الجنوب مع تزايد الخسائر البشرية والمادية،  فان الأوضاع الاقتصادية لا تزال تتجه نحو مسار انحداري ينعكس على مفاصل الحياة اليومية وعلى مختلف القطاعات، وبحسب بعض المعلومات فان الخسائر التي يتكبدها لبنان نتيجة الحرب الدائرة جنوبا كبيرة وموجعة،  وتقدر بحدود 20 مليون دولار يوميا، مما يعني انه لا يمكن تعويض هذه الخسائر بسهولة حتى ولو انتهت الحرب في لبنان  وهي لا تزال مرتبطة بوقف الحرب في غزة، والى حينه يبقى الاقتصاد اللبناني هو الخاسر الاكبر في هذه الحرب وبالتالي فان من يدفع الثمن في النهاية هو الشعب اللبناني الذي يتخبط في الاساس بازمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخه.


المصدر : Transparency News