وسط تصاعد الأزمة الناجمة عن النزوح السوري في لبنان، أثارت مواقف الاتحاد الأوروبي الأخيرة جدلاً واسعاً، حيث تتعارض مع مطالبات الحكومة اللبنانية بضرورة إعادة النازحين سريعاً إلى بلادهم. تعكس هذه التباينات التحديات التي يواجهها لبنان في التعامل مع تداعيات الصراع السوري، في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.


أدت مواقف الاتحاد الأوروبي إلى تفاقم أزمة لبنان مع النازحين السوريين، حيث أكد الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو، أن شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة للنازحين السوريين ليست متوفرة حاليًا، مشيرًا إلى أنهم ضحايا الصراع في سوريا وليسوا سبب المشكلة. هذا الموقف يتعارض مع موقف الدولة اللبنانية، الذي عبّر عنه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، مشددًا على ضرورة إعادة النازحين إلى بلادهم بسرعة، مؤكداً أن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء.

شرف الدين: توزيع عادل للنازحين
أوضح وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، أن أي مقاربة لموضوع النازحين يجب أن تشمل البروتوكولات الدولية والقانون المحلي المتماشي مع المعاهدات الدولية. وأكد شرف الدين تمسك لبنان بموقف وزير الخارجية في مؤتمر بروكسل، الذي طالب بتقاسم الأعباء وتوزيع النازحين بشكل عادل على دول العالم، وتسليم داتا المعلومات الخاصة بهم، مشيرًا إلى أن لبنان يصر على عودة النازحين إلى بلادهم أو ترحيلهم إلى بلد ثالث، ورفض ربط ملف النزوح بالحلّ السياسي في سوريا.

وأضاف شرف الدين أن إعادة بناء المناطق والبلدات المدمرة في سوريا ضرورية لجعلها صالحة للسكن وعودة أصحابها إليها، داعيًا إلى فصل السياسة عن ملف النازحين وعدم ربط عودتهم بتغيير النظام داخل سوريا. وأكد أهمية تسهيل القوافل البحرية الشرعية إلى 194 دولة عضوًا في الأمم المتحدة، مشيرًا إلى ضرورة تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا ومفوضية اللاجئين لحل هذه الأزمة، ورفع العقوبات عن سوريا لتمكين عودة النازحين.

الصائغ: عواقب وخيمة على لبنان
من جهته، يرى الباحث في السياسات العامة واللجوء والهجرة، زياد الصائغ، أن ربط الاتحاد الأوروبي عودة النازحين بالحل السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 ليس جديدًا، مشددًا على أن استمرار أزمة اللاجئين في لبنان ينذر بعواقب وخيمة على المستويين الإقليمي والدولي. وأكد الصائغ أن مقاربات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تعالج العوارض لا الأسباب، داعيًا لبنان إلى انتهاج مسار دبلوماسي متعاون مع الاتحاد الأوروبي، وطرح عوائق العودة التي تفرضها قوى الأمر الواقع في سوريا.

وأضاف الصائغ أن الأزمة معقدة وتستلزم حلاً سياسياً في سوريا وفق القرار 2254، وتفعيل المسار الإقليمي من خلال جامعة الدول العربية. وأكد أن "حزب الله" يحتل جزءًا من سوريا، وأن خروجه من هذه المناطق سيسهل عودة النازحين، مشددًا على ضرورة التنسيق مع مفوضية اللاجئين وتوفير ضمانات أمنية وقانونية واجتماعية للعودة.

المعارضة: النظام السوري يمنع العودة
في ظل التجاذب السياسي حول ملف النازحين، تحمل المعارضة اللبنانية النظام السوري مسؤولية عدم عودة النازحين. وأشار مصدر نيابي في قوى المعارضة إلى أن نحو 1100 نازح سوري عادوا طوعًا إلى بلداتهم، لكن النظام أعادهم إلى لبنان، وقبل بعودة 400 فقط. وأكد المصدر أن النظام يصنف أغلب النازحين بأنهم غير مرغوب بهم ويشكلون خطرًا أمنيًا وديموغرافيًا على بقائه.

وأشار الصائغ إلى أن استمرار النظام السوري في تحميل دول الجوار تبعات المشكلة يجعل لبنان في مرحلة الخطر الوجودي والكياني، مؤكدًا أن عدم اندفاع الدولة اللبنانية لتطبيق القوانين المرعية يزيد من تعقيد الأزمة، ومطالبًا الاتحاد الأوروبي بتسريع الحل السياسي في سوريا.


المصدر : Transparency News