وسط تصاعد التوترات بين لبنان وإسرائيل، يستعد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لتفعيل جهوده الدبلوماسية في محاولة لإعادة الاستقرار إلى جنوب لبنان. تأتي هذه التحركات في ظل تبادل القصف الصاروخي بين الطرفين وتصاعد حدة المواجهات، مما يهدد بخروج الوضع عن السيطرة. تهدف المبادرة الأميركية إلى تطبيق اتفاق مرحلي يوقف التصعيد ويمهد لتهدئة دائمة، وهو ما يضع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين أمام اختبار صعب لتحقيق السلام المنشود.


يستعد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لتفعيل جهوده الدبلوماسية بين بيروت وتل أبيب فور التوصل إلى وقف إطلاق النار أو هدنة مطولة على الجبهة الغزاوية، بهدف تسويق خطة متكاملة لتهدئة الوضع في جنوب لبنان. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعٍ أميركية لتطبيق اتفاق تم التوصل إليه سابقاً، يتطلب فقط وضع اللمسات الأخيرة، وفقًا لمصدر نيابي رفيع.

يلعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دورًا رئيسيًا في التفاوض مع هوكشتاين، نيابةً عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و"حزب الله"، مع تنسيق كامل بين الأطراف. بري أكد لـ"الشرق الأوسط" أن لبنان ملتزم بتطبيق القرار الدولي 1701 كأساس للتوصل إلى اتفاق مرحلي برعاية أميركية لإعادة الهدوء إلى جبهة جنوب لبنان، شرط التزام إسرائيل بوقف خروقاتها البرية والبحرية والجوية.

أشار بري إلى أن الاتفاق يشمل معالجة الخلافات حول الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، والتي تتعلق بإنهاء الخروقات الإسرائيلية لست نقاط محل خلاف، وهي جزء من سيادة لبنان المعترف بها دولياً. وشدد على أن الخط الأزرق لا يعتبر خط انسحاب شامل ما لم تنسحب إسرائيل من النقاط المتنازع عليها.

وبحسب مصادر لبنانية شبه رسمية، تقضي المرحلة الأولى من الاتفاق المقترح بإعادة الوضع على الجبهة الجنوبية إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر، أي قبل اجتياح حركة "حماس" للمستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة ورد "حزب الله" بمساندتها. التزام الأطراف بهذه المرحلة سيؤدي إلى إعادة النازحين من البلدين إلى بلداتهم وقراهم.

تشمل الخطة تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية لضبط الوضع جنوب الليطاني بالتعاون مع قوات "يونيفيل" الدولية. ورغم ذلك، لا تشير المرحلة الأولى صراحة إلى انسحاب "قوات الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" من جنوب الليطاني، ما يثير التساؤلات حول طبيعة وجودها المستقبلي في المنطقة.

وفي المرحلة الثانية المتعلقة بالحزمة الاقتصادية، تبدي واشنطن استعدادها لإعادة النظر في موقفها بشأن السماح للبنان باستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سوريا، مما سيساهم في تحسين التغذية بالتيار الكهربائي. هذا يأتي بعد تعهدات سابقة لم تنفذ بسبب الالتزام بقانون "قيصر" الذي يفرض عقوبات على النظام السوري.

أما المرحلة الثالثة، فهي تتعلق بتحديد الحدود اللبنانية الإسرائيلية على أساس القرار 1701. هذه المرحلة تفتح الباب أمام التساؤلات حول مصير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، حيث تتضارب المعلومات حول استعداد إسرائيل للانسحاب منهما. الوفود النيابية اللبنانية التي زارت واشنطن مؤخراً نقلت عن هوكشتاين أن الأولوية هي تهدئة الوضع على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية لمنع توسعة الحرب، وأنه لا مجال حالياً للبحث في مسألة المزارع طالما يعتبرها النظام السوري جزءاً من أراضيه.

في النهاية، يبقى نجاح هذه الجهود مرهوناً بقدرة الأطراف على التوصل إلى تفاهمات تضمن الاستقرار والهدوء على الحدود الجنوبية، وتحقيق تقدم ملموس في الملفات الاقتصادية والسياسية العالقة.


المصدر : Transparency News