في خضم ضجيج الحياة اليومية، تُقدم لنا التكنولوجيا حلولاً مبتكرة تُساعدنا على خلق واحات من الهدوء والتركيز. وتأتي سماعات الرأس المزودة بتقنية إلغاء الضوضاء كأحد الأمثلة البارزة على ذلك. ولكن ماذا لو تمكنت هذه السماعات من القيام بأكثر من مجرد حجب الضوضاء؟ ماذا لو أصبحت قادرة على تمييز الأصوات وفهمها، وفصل الأصوات المرغوب فيها عن الضوضاء، بل وحتى تعزيز جودة الصوت بما يتناسب مع احتياجاتنا؟


يقدم باحثون من جامعة واشنطن تقنية جديدة تُحدث ثورة في مجال إلغاء الضوضاء في سماعات الرأس، وذلك من خلال دمج الذكاء الاصطناعي لخلق تجربة صوتية مخصصة وفريدة من نوعها.

تعتمد هذه التقنية على شبكة عصبية ذكية مدمجة في الهاتف الذكي، قادرة على تمييز 20 صوتاً بيئياً مختلفاً، مثل أصوات الطيور، وبكاء الأطفال، وأبواق السيارات، وصفارات الإنذار.

و بدلاً من مجرد حجب الضوضاء، تسمح هذه التقنية للمستخدمين بتحديد الأصوات التي يرغبون في سماعها، سواء كانت أصوات الطبيعة أو أصوات محادثة محددة، مع خفض حدة الضوضاء المحيطة بشكل ديناميكي.

يُعدّ هذا التوجه تقدمًا هائلاً عن تقنيات إلغاء الضوضاء التقليدية التي لا تُفرّق بين الأصوات المرغوب فيها وغير المرغوب فيها.

يُشير الباحثون إلى أن التحدي الرئيسي تمثل في تمييز الأصوات بدقة وفصلها عن الضوضاء دون أي تأخير لضمان تجربة سمعية طبيعية.

تُقدم هذه التقنية ميزات متعددة، تشمل:

  • تحسين وضوح الصوت في البيئات الصاخبة: تُمكن الخوارزمية من تمييز صوت المتحدثين وسط الضوضاء، مما يوفر محادثات أوصضح وأكثر تركيزًا.
  • تعزيز التركيز: تُساعد على حجب المُشتتات السمعية، مما يسمح للمستخدمين بالتركيز على المهام دون إزعاج.
  • تخصيص تجربة الاستماع: تُتيح للمستخدمين التحكم في الأصوات التي يسمعونها، مما يخلق تجربة سمعية مخصصة تناسب احتياجاتهم وتفضيلاتهم.

يُؤمن الباحثون أن هذه التقنية تُمثل خطوة هائلة نحو الجيل القادم من الأجهزة السمعية، والتي لا تقتصر على حجب الضوضاء، بل تُحسّن جودة الصوت وتُعزّز التفاعل السمعي مع العالم.

وتُشير التوقعات إلى إمكانية دمج هذه التقنية في تطبيقات واسعة، مثل:

  • الأجهزة السمعية: لتحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع.
  • أماكن العمل: لتوفير بيئة عمل هادئة وفعالة.
  • التعليم: لتحسين التركيز والتعلم في الفصول الدراسية المزدحمة.
  • السفر: لتوفير تجربة سفر هادئة ومريحة.

مع استمرار تطوير هذه التقنية، تُقدم إمكانيات هائلة لتحسين نوعية الحياة من خلال توفير تجربة سمعية غامرة وشخصية، تُلبي احتياجات كل فرد.


المصدر : Transparency News