خالد العزي


لا شك بأن قرار المحكمة الجنائية الأخير، المتعلق بإصدار أحكام باعتقال رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه وبعض ضباطه، وكذلك اعتقال قادة حركة حماس، يأتي بغاية الأهمية لتفعيل دور الجنائية الدولية، التي اتخذت قرارًا آخرًا  متعلقًا  بإيقاف الحرب في مدينة رفح فورًا .

إن القرارين مهمان في إطار عملية فرض القانون والهيبة الدولية، وليس التعامل بالإزدواجية التي تخص كل طرف من الأطراف المتنازعة على الأرض والتي أدت إلى قتل وتهجير سكان قطاع غزة الذين يتعرضون لإبادة فعلية .

ليس من مهمة المحكمة الجنائية الدولية النظر في تاريخ الصراع العربي _ الإسرائيلي وإصدار قرارات تاريخية تحمل إسرائيل والداعمين لها مسؤولية احتلال فلسطين. وإنما تكمن مهمة المحكمة في النظر السريع في الملفات الحربية الآنية والخروج بقرارات سريعة للحد من استمرار العنف الذي يدفع ثمنه الأبرياء.

طبعًا، قرار المحكمة الذي دان إسرائيل والغرب والولايات المتحدة لجهة الضغط على قادة العدو هو قرار مهم. وهنا لابد من القول بأن المحكمة لم تضع فلسطين وإسرائيل في نفس الميزان، وإنما استندت في قراراتها على توقيع السلطة الفلسطينية على قرارات المحكمة التي تسمح لها باتخاذ هذه القرارات الجريئة والمربكة للعالم كله، مما يؤدي إلى الانقسام الواضح بين المرحبين والمعترضين، ويفتح الطريق أمام المعايير التي يجب التعامل معها في الأحكام الدولية.

فالأحكام الدولية واحدة وليست انتقائية، ويجب على الجميع أن يقف إلى جانب القانون وعدم الهروب والتفلت من العقاب نتيجة الجرائم التي ارتكبت بسبب ممارساتها. عندها تكون المعايير واحدة وليست انتقائية، ويمكن التعامل معها بازدواجية المفاهيم والمصالح الخاصة.

وهنا يمكن الملاحظة بأن أطرافًا كثيرة رحبت بقرار المحكمة المتعلق بإيقاف الحرب فورًا في منطقة رفح، حيث رأوا أن القرار يحشر إسرائيل دوليًا، ولكن نفس الأطراف رفضت قرارها المتعلق بملاحقة قادة حماس. وأيضًا على الطرف الآخر كانت صدمة إسرائيل كبيرة باعتبارها أن المحكمة تسوق للعداء للسامية. حتى جن جنون المشرعين في الكونغرس الأمريكي وحاولوا استصدار قرار بوضع أعضاء المحكمة تحت العقوبات الدولية والملاحقات القانونية. فكيف لهؤلاء المشرعين أن يرفضوا قرارات المحكمة الدولية ضد إسرائيل، طفل أمريكا الصغير، ويتقبلونها ضد بوتين حيث رفضت أكثر من 132 دولة موقعة على اتفاق المحكمة الدولية استقباله في مطاراتها لأنه سيتم اعتقاله؟ وكيف يمكن رفض ذلك بسبب قادة العدو الإسرائيلي الذين يرتكبون جرائم إبادة ضد العزل في غزة وأمام شاشات التلفزة العالمية؟ فلعل المحكمة الدولية فتحت فقط لدول آسيا وروسيا وأفريقيا.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News