في حادثة أثارت الكثير من التساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية، تمكن مسلح من اختراق الحواجز الأمنية المحيطة بالسفارة الأمريكية في عوكر والوصول إلى مسافة قريبة من مدخلها الخارجي، حيث أطلق النار بشكل عشوائي لمدة عشر دقائق. الحادثة، التي وقعت في ظل توترات إقليمية متزايدة، كشفت عن ثغرات أمنية واستدعت تحقيقات مكثفة من قبل السلطات اللبنانية لتحديد الدوافع والخلفيات وراء هذا الهجوم الجريء.


في حادثة مثيرة للجدل، تجاوز مسلح جميع الإجراءات الأمنية المحيطة بالسفارة الأمريكية في عوكر، وتمكن من الوصول إلى مسافة 30 متراً من المدخل الخارجي، حاملاً سلاحه من نوع "كلاشنكوف" ومجهزاً بجَعبة عسكرية مليئة بالذخيرة الحية، بالإضافة إلى شعارات داعش. الهجوم الذي وقع مساء أمس، بدأ في تمام الساعة 8:35 واستمر لعشر دقائق حتى 8:45، حيث أطلق المسلح النار بشكل عشوائي وبدائي دون أي رد فعل من قبل قوات الأمن المحيطة بالسفارة، قبل أن يتدخل عناصر أمن السفارة والجيش اللبناني.

وفقاً لمصادر أمنية، تمكن المسلح من الوصول إلى هذا الموقع الحساس بسبب استغلاله لأحد الطرق الفرعية بين الأبنية، بعد أن استقل حافلة من مجدل عنجر إلى عوكر في الصباح الباكر. بعد وصوله إلى الموقع، بدأ إطلاق النار قبل أن تشتبك معه قوات الجيش اللبناني التي طلبت منه الاستسلام، لكنه رفض مواصلاً إطلاق النار، مما أدى إلى إصابته في بطنه ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج والتحقيق معه.

كشفت التحقيقات أن المسلح يدعى قيس عوض الفراج، من مجدل عنجر، ويقيم في بلدة الصويري في البقاع الغربي، ويحمل الجنسية السورية ومسجل في مفوضية اللاجئين. وذكر الفراج خلال التحقيقات أن دافعه للهجوم كان الانتقام للمجازر ضد الفلسطينيين.

في أعقاب الهجوم، نفذ الجيش اللبناني سلسلة مداهمات في بلدات الصويري، مجدل عنجر، بر الياس، وعدد من القرى البقاعية، مما أسفر عن اعتقال شقيق الجاني قتادة الفراج، ومالك الحجة، إمام مسجد أبو بكر الصديق في مجدل عنجر، والذي يعتبر المرشد الديني للمهاجم. كما اعتقل الجيش والد المنفذ وأشقاؤه وشقيقاته وسائق الفان و10 أشخاص آخرين، من بينهم تاجر سلاح من مجدل عنجر. وعلى الرغم من مصادرة مواد متفجرة وأسلحة رشاشة من منزل شقيق المنفذ، لم تجد التحقيقات أي صلة بين المعتقلين والهجوم على السفارة.

وأشارت المصادر إلى أن العملية نفذها شخص واحد، ما يعرف في العلم العسكري للمنظمات الإرهابية بـ "الذئاب المنفردة". وفي بيان للسفارة الأمريكية، شكرت السفارة القوى الأمنية اللبنانية على جهودها، مشيرة إلى أن الهجوم أسفر عن إصابة أحد حراس السفارة، طوني أمين، ومواطن مدني.

التحقيقات تركز الآن على تحديد الهدف من الهجوم: هل هو عمل إرهابي بحت؟ هل تقف خلفه خلية إرهابية منظمة؟ هل تم إعادة تفعيل الخلايا النائمة أم أن الهجوم جاء نصرة لغزة؟ الأسئلة لا تزال عديدة والإجابات غير واضحة، مما يثير قلقاً كبيراً حول الإجراءات الأمنية وفعاليتها في حماية المواقع الحساسة.


المصدر : Transparency News