مع اقتراب مرور عام على جلسة 14 حزيران الانتخابية الأخيرة في لبنان، يظل المشهد السياسي يراوح مكانه في ظل تعقيدات داخلية وضغوطات خارجية. على الرغم من دعوات "الثنائي الشيعي" بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار، لم تتحقق حتى الآن أي تقدم ملموس في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه التحديات وتتسع الهوة بين الأطراف السياسية المختلفة، مما يجعل من عملية الانتخاب رهينة للتطورات الإقليمية والدولية.


تتطلب مسألة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان معجزة داخلية أو تدخلاً خارجياً قوياً. مع اقتراب مرور عام على جلسة 14 حزيران الانتخابية الأخيرة، لم يتغير شيء في المشهد السياسي. "الثنائي الشيعي" عاد لدعوات الحوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن لم تتحقق أمنياته حتى الآن، خاصة مع رفض عدد من الأطراف الداخلية لهذه الدعوات.

تدخلت أطراف عدة في الأزمة الرئاسية، مما أدى إلى تغيير ما كان يُرسم داخلياً. المعارضة نجحت في منع وصول مرشح "الثنائي الشيعي"، وقللت من تأثير أي اتفاق بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر". ورغم مرور عام على آخر جلسة، يظل جبران باسيل متمسكاً برفضه انتخاب سليمان فرنجية، مما يشكل ضربة لطموحات "الثنائي الشيعي" ويؤكد عدم قدرة فرض مرشح دون موافقة القوى المسيحية الأساسية. في الوقت نفسه، يطلق باسيل مبادرته الرئاسية مع عدم معارضة عقد حوار برئاسة بري.

على مدار العام الماضي، لم يقم فرنجية بأي خطوة لتليين مواقف الأطراف الأخرى، وبدلاً من فتح باب الحوار مع القوى المسيحية، قاطع اجتماعات وثيقة بكركي واكتفى بدعم "حركة أمل" و"حزب الله". خارجياً، تراجعت باريس عن دعم ترشيحه، ورفضت الرياض انتخابه، مما أدى إلى رفض مسيحي ودولي لترشيحه.

من ناحية أخرى، لا يمكن لأي مكون وطني تجاوز نفوذ "القوات اللبنانية" في الشارع المسيحي والمعارض. عندما رفض تكتل "الاعتدال الوطني" الذهاب لأي حوار دون مشاركة "القوات"، ظهر تأثير "القوات" الواضح. ورغم محاولات "حزب الله" تجاوز المعارضة، إلا أنه لم ينجح في ذلك حتى الآن.

الأحزاب والقوى والشخصيات المسيحية المعارضة تصطف خلف "القوات اللبنانية"، في حين تظل بكركي متمسكة بضرورة نزول النواب إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن. في الوقت ذاته، يظل "حزب الله" وحركة "أمل" متمسكين بدعمهما لفرنجية، مع علمهما بصعوبة وصوله إلى بعبدا. ومع دخول "الحزب" و"الحركة" في معركة مساندة غزة وفتح جبهة الجنوب دون استشارة اللبنانيين، أصبح الملف الرئاسي رهينة للتسويات الخارجية.

تحاول الكتل الوسطية التحرك في هذا المشهد المعقد، وكان تكتل "الاعتدال الوطني" الأكثر نشاطاً، لكن مبادرته أُجهضت باشتراط "الثنائي" ترؤس بري للحوار. بينما يتنقل "اللقاء الديمقراطي" بين المعارضة والتقاطع مع "التيار الوطني الحر" على اسم جهاد أزعور، داعياً إلى التسوية دون الخروج عن المظلة العربية والدولية.

لا توجد مؤشرات لدعوة بري إلى جلسة انتخاب رئيس، فقد توقفت عقارب الدعوات الانتخابية منذ جلسة 14 حزيران الماضي. سيظل الحال على ما هو عليه حتى تُلبى مطالب "الثنائي الشيعي" أو تفرض المتغيرات الإقليمية والدولية دعوة بري لجلسة انتخابية جديدة.


المصدر : Transparency News