بينما يتواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان، يزداد الضغط على حياة المواطنين اللبنانيين، خاصة في ظل التدهور المستمر للأوضاع المعيشية والاقتصادية. مع استمرار النزاعات والتوترات على الحدود، يشهد البلد تدهورًا حادًا في القطاعات الاقتصادية الحيوية، مما يعزز من معاناة السكان ويضعف من حظوظهم في تحقيق الاستقرار والرخاء.


في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، يزداد تفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، في وقت يعاني فيه البلد بالفعل من أزمة مالية وسياسية عميقة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبةً. تسجّل البيانات الأخيرة من البنك الدولي أن لبنان قد سجّل ثاني أعلى نسبة تضخم في أسعار الغذاء عالمياً، حيث بلغت النسبة 208% تغيراً سنوياً، مما يؤكد على حدة الأزمة التي يمر بها البلد.

الأستاذ الجامعي الدكتور محمد جمعة يشير إلى أن اللبنانيين لم يعدوا قادرين على تحمل ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، ويوضح أن الطبقة الحاكمة، التي تتشارك مصالحها مع التجار، قامت بزيادة الضغط على المواطنين بعد الثورة في أكتوبر 2019، من خلال تخزين المواد الغذائية والأدوية والسلع الاستهلاكية، مما أدى إلى رفع أسعارها بشكل كبير على السوق السوداء، ثم عادت لإغراق الأسواق بهذه المواد بعد ذلك، ما جعل الأسعار تتفاقم وترهق المواطنين.

العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل، الذي يتعمق أحياناً داخل الأراضي اللبنانية، لم يكن له سوى تأثير سلبي على الوضع المعيشي والاقتصادي، مع ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة، مما زاد من معاناة ومخاوف المواطنين. التقرير الاقتصادي الأخير أكد على تدهور الأوضاع الاقتصادية والنقدية خلال الفترة الأولى من عام 2024، نتيجة لتأثيرات الحرب على الحدود الجنوبية للبنان، مما أدى إلى ركود في الناتج المحلي الإجمالي وتأثير سلبي على مختلف القطاعات الاقتصادية.

القطاع الزراعي، الذي يعتبر الركيزة الأساسية لاقتصاد الأسر في المناطق الحدودية، تأثر بشكل كبير بالحرب، حيث أدى استخدام القصف بالفوسفور إلى تلوث الأراضي الزراعية والمحاصيل، مما يهدد بنقصان الإنتاجية المستقبلية ويؤثر على سلامة الغذاء وصحة المواطنين. كما أن توقف الأعمال وإغلاق المؤسسات في المناطق الحدودية أدى إلى خسائر اقتصادية فادحة، مما يعزز من حجم الأزمة الاقتصادية العميقة التي يعيشها لبنان.

بشكل عام، يعتبر الوضع الاقتصادي في لبنان هشاً ومعقداً، مع استمرار العدوان الإسرائيلي وتأثيراته السلبية المتعددة، ويتطلب من الأطراف اللبنانية التوافق على إيجاد حلول جادة للأزمات المتراكمة، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني، والتحديات المالية الضاغطة التي تعترض السبيل نحو النمو الاقتصادي والاستقرار المستدام.


المصدر : Transparency News