في ظل تصاعد التوترات على الجبهة الجنوبية للبنان، جاءت زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان كجزء من مسعى دبلوماسي عاجل لتهدئة الوضع ومنع انفجار الصراع. حمل هوكشتاين رسائل حاسمة من الجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى خطط عسكرية وشيكة، ومحذراً من تبعات كارثية على لبنان إذا لم تتم تهدئة الجبهة. فماذا دار في كواليس هذه الزيارة؟ وكيف ردت الأطراف اللبنانية على التحذيرات الأميركية؟


كما كان متوقعاً، جاءت زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، ثم حضوره الفوري إلى لبنان، لتلبية ضرورات أميركية رئاسية، سعياً لتحقيق إنجاز ولو وقتياً وآنياً يتعلق بهدنة على الجبهة الجنوبية. هذه الهدنة يمكن أن تفتح الباب سريعاً لمعاودة المفاوضات حول تثبيت الحدود البرية.

لكن ما عجّل في زيارة هوكشتاين إلى بيروت هو ما سمعه من المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل. فقد تم التصديق على جميع الخطط والإجراءات الحربية لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في لبنان، وأن السقف الزمني لبدء هذه العملية يتراوح بين أسبوعين إلى شهر على الأكثر، وهو الوقت الذي تحتاجه إسرائيل لإنهاء عملية رفح.

وأوضح مصدر لبناني شارك في أحد اجتماعات هوكشتاين في زيارته السريعة إلى بيروت أمس الأول لـ «الأنباء» أن الموفد الرئاسي الأميركي أبلغ رسالة واضحة وحاسمة لأول مرة. الرسالة كانت أن تدارك انفجار الوضع بيد الدولة اللبنانية، وعليهم إبلاغ حزب الله بأن إسرائيل جادة في تنفيذ عملية واسعة على جبهتها الشمالية. صحيح أن إسرائيل ستتكبد خسائر كبيرة، لكن لبنان، في ظل وضعه المالي والاقتصادي المتأزم، ستكون خسائره فادحة وستزيد من أزمته التي يصعب تجاوزها.

وأضاف المصدر أن هوكشتاين كرر في لقاءاته عدة مرات دعوة المسؤولين اللبنانيين إلى لجم حزب الله وتهدئة الجبهة الجنوبية. أشار إلى أن الوقت ضيق والمساحة الزمنية تتقلص، وأن التهدئة في لبنان ستساعد كثيراً في الوصول إلى تسوية في غزة. ونبه إلى أن عدم تهدئة الوضع في لبنان قد يؤدي إلى انهيار المبادرات، وخصوصاً مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي وافق عليها مجلس الأمن وتدعمها الدول الضامنة لها، لا سيما الدول العربية.

وكشف المصدر أن الموفد الرئاسي الأميركي حمل حزب الله مسؤولية تدهور الوضع واحتمال اندلاع مواجهة مفتوحة. وأوضح أن تعنت حركة حماس في مطالبها مرده إلى التصعيد الذي تعمده حزب الله في الفترة الأخيرة، ما جعل الفصائل في غزة تعتبر أن ورقة الجبهة اللبنانية تصب في صالحها وتعزز شروطها التفاوضية. وأكد أن هذا الأمر سيحمل لبنان تبعات لا يقدر على تحملها.

وأشار المصدر إلى أن الرد اللبناني كان تكراراً لما سمعه هوكشتاين في زياراته السابقة، وهو أن الحل يتمثل في وقف إطلاق النار في غزة، ما يؤدي تلقائياً إلى تهدئة الجبهة اللبنانية. لكن هوكشتاين لمّح إلى أن هذا الأمر ليس مضموناً، متسائلاً عن سبب وضع لبنان نفسه في مواجهة المجتمع الدولي إذا كان هذا الأخير يدعم خطة بايدن.

وفي هذا السياق، تعمد حزب الله الرد على تهديدات هوكشتاين، التي نقلها عن الجانب الإسرائيلي، بتوزيع فيديو عن عملية المسح الجوي التي سماها «الهدهد»، قبل مغادرة هوكشتاين بيروت عائداً إلى تل أبيب حاملاً الجواب اللبناني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.


المصدر : Transparency News