في ظل أجواء من الفوضى والاتهامات بالفساد، تستأنف وزارة التربية اللبنانية اليوم امتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة. يأتي ذلك بعد يوم أول شهد تأخيرات وتسريبات واسعة للأسئلة، ما أثار جدلاً كبيراً حول جاهزية الوزارة وقدرتها على إدارة هذا الاستحقاق الوطني الحساس بنزاهة وشفافية.


تستأنف وزارة التربية اللبنانية، اليوم، امتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة، وسط فوضى عارمة أثارت العديد من التساؤلات والانتقادات. إذ لم تعلن الوزارة عن فتح تحقيق في المهزلة التي شهدها اليوم الأول من الامتحانات، حيث تأخرت المسابقات في الوصول إلى بعض المراكز لمدة ساعتين، مما أتاح تسريب الأسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقد انتشرت فيديوهات موثقة تشير إلى أن الأسئلة كانت بحوزة أساتذة قبل دخول الطلاب إلى قاعة الامتحان. فيما اكتفى وزير التربية، عباس الحلبي، بتبرير التأخير بخطأ اكتشف في وقت متأخر في مسابقة الكيمياء، إلا أن لجنة الكيمياء أكدت أن المسابقة أنجزت وطبعت مرة واحدة فقط دون أي أخطاء.

هذه الفوضى نسفت كل التصريحات السابقة عن جاهزية وزارة التربية للاستحقاق، خاصة في ظل التخبط الذي صاحب التحضيرات اللوجستية خلال الأشهر الماضية. كان من أبرز مظاهر هذا التخبط عدم اعتماد المواد الاختيارية في البداية، ثم تحديد اختبار وطني للبريفيه والتراجع عنه، والعودة للاكتفاء بالعلامات المدرسية، وتغيير التدابير الخاصة لطلاب الجنوب، وإصدار توصيف جديد للامتحانات قبل أسبوع من انطلاقها مما أحدث ارتباكاً كبيراً بين الأساتذة والطلاب.

إلى جانب المشاكل اللوجستية، واجهت الوزارة اتهامات بالتقصير والفساد، خاصة بعد إعطاء وزير التربية إذناً بالسفر للمدير العام للتربية بالتكليف، عماد الأشقر، قبل أيام قليلة من الامتحانات. الأشقر الذي يشغل أيضاً منصب رئيس اللجان الفاحصة، كان من المفترض أن يكون المسؤول الأول عن غرفة العمليات في هذه الفترة الحساسة. وقد أدى غيابه إلى خلق حالة من الفوضى، أبرزها مشاركة عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب أشرف بيضون، في الإشراف على الامتحانات، مما يمثل خرقاً غير مسبوق لشفافية الامتحانات.

كما أثار حضور ممثلي الأحزاب ورؤساء روابط التعليم في مراكز الامتحانات استغراباً واسعاً، حيث اعتبر هذا تدخلاً غير مسبوق في عملية الامتحانات. أما عن الجانب التقني، فقد أظهرت الامتحانات أن الأسئلة الاختيارية تتطلب أوراقاً إضافية لم تحسب لها الوزارة حساباً، مما زاد من تعقيد عملية كتابة وطباعتها، وجعل الأساتذة والمراقبين في قاعات الامتحانات يستغرقون وقتاً أطول في توضيب المسابقات.

اليوم الأول للامتحانات كشف بوضوح عن عدم جاهزية وزارة التربية والفساد المستشري فيها. فهل يمكن الطعن في نتائج هذه الامتحانات نظراً للأضرار التي لحقت بالطلاب نتيجة لهذه الفوضى؟ يبقى السؤال مفتوحاً، ويتطلب إجابات وتحركات عاجلة من قبل الجهات المعنية لضمان شفافية ونزاهة العملية التعليمية في لبنان.


المصدر : Transparency News