طارق أبو زينب - كاتب متخصص بالشأن العربي والخليجي


تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق على جبهات عدة، بينما يستمر القصف المتبادل بين "حزب الله" والعدو الإسرائيلي الذي يتوعد لبنان بإعادته إلى العصر الحجري وتدميره. تحاول الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من الشركاء الدوليين الضغط على كافة الأطراف لتجنب التصعيد ولعدم انزلاق لبنان في حرب ستكون باهظة الثمن على بلد لا يملك مقومات للصمود وسط تفاقم معاناة اللبنانيين في ظل غياب رئيس للجمهورية اللبنانية ورئيس حكومة دائم للبلاد. تستمر التوترات والعمليات العسكرية في التصاعد في جميع أنحاء المنطقة بعد التدخل المباشر من إيران عسكريًا، مما زاد من المخاوف من أن يتحول الصراع بالوكالة بين المليشيات المدعومة من إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى. تصر حكومة العدو الإسرائيلي على تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي ينص على تراجع مقاتلي حزب الله إلى ما بعد الليطاني، وإلا ستضطر إلى إجبارهم على ذلك بحسب الادعاءات الإسرائيلية.

في هذا الإطار، أكد مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية في تصريح لـ"Transparency News" أن الولايات المتحدة واضحة في موقفها بعدم رغبتها في توسيع نطاق الصراع ليشمل مناطق أخرى في المنطقة. تعمل الولايات المتحدة عن كثب مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين لتحقيق هذه الغاية، وتؤكد أهمية الفصل بين القضايا وعدم الخلط بين الصراعات المختلفة.

وأضاف أن الصراع في غزة يجب ألا يكون مبررًا "لتصعيد التوترات في لبنان أو أي منطقة أخرى"، وتعتبر واشنطن أن استخدام لبنان كمنصة لإطلاق الهجمات ضد إسرائيل أو كملاذ للإرهابيين يزيد فقط من خطر التصعيد ويضر بالشعب اللبناني، الذي يسعى في معظمه إلى الابتعاد عن النزاع. لهذا فإن إسرائيل ستفعل ما يجب عليها فعله بدعم دولي أو بدونه.

تستمر الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها في التأكيد على أن "حزب الله" والجهات الفاعلة الأخرى يجب ألا يحاولوا استغلال الصراع الدائر. كما تستمر واشنطن بالتواصل مع قيادة لبنان لمعالجة دور الأسلحة التي يمتلكها حزب الله في زعزعة استقرار البلاد والمنطقة.

وتؤكد الولايات المتحدة أهمية استعادة الهدوء على طول الخط الأزرق وتعتبرها من أولوياتها القصوى، وينبغي أن تكون كذلك بالنسبة لإسرائيل ولبنان.

تهديدات إسرائيلية جدية للبنان
وفيما يتعلق بتهديدات الحكومة الإسرائيلية للبنان بتوسيع العمليات العسكرية وضرب العمق اللبناني، أكد المسؤول الأمريكي أن واشنطن تتابع عن كثب التطورات في جنوب لبنان وتعي جيدًا التوترات الراهنة في المنطقة وتدرك أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. كما تدعو إلى ضبط النفس وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد الوضع. ومن الأهمية بمكان أن تتحمل جميع الأطراف المسؤولية لضمان عدم تفاقم الأمور. تصرفات حزب الله الإرهابي تشكل خطرًا على الأمن والاستقرار في المنطقة وتعرقل جهود السلام. نحن ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل وتزويدها بالأسلحة المناسبة للدفاع عن أمنها وشعبها.

يوضح المسؤول الأمريكي أنه بالنسبة للتحركات الأمريكية بالتعاون مع شركاء واشنطن والمجتمع الدولي في المنطقة، عادة لا تتم مناقشة العمليات العسكرية المستقبلية أو الخطط التكتيكية، لا سيما فيما يحدث في لبنان. ومع ذلك، تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بحماية المصالح الأمريكية والدولية معًا والحفاظ على أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر من الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

الحوثيون خطر على أمن المنطقة واستقرارها
وبشأن العمليات العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، أعرب المسؤول الأمريكي عن إدانة واشنطن للأعمال الإرهابية التي يقوم بها الحوثيون، بما في ذلك تهديداتهم للملاحة البحرية واستهداف السفن التجارية.

إيران تستغل الصراع في غزة
وعما يتم تسريبه حول وجود قنوات تفاوض بين إيران والولايات المتحدة، يوضح المسؤول الأمريكي: نحن لا نعلق على طبيعة رسائلنا الخاصة إلى إيران أو وسائل تسليمها. ومع ذلك، كنا واضحين في رسائلنا إلى إيران، سواء علنًا أو سرًا، بأنه عليها ألا تستغل الصراع في غزة وأن توقف دعمها لنشاط الجماعات الإرهابية في لبنان والمنطقة والوكلاء المسلحين، بما في ذلك الحوثيون الذين يستمرون في تهديد التجارة الدولية.

تعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة
وأشار المسؤول الأمريكي لـ"Transparency News" إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى للمواجهة مع إيران، ولكنها تحت قيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبها ومصالحها وأصدقائها ضد أي تهديدات قد تنبثق من إيران. تم التأكيد في رسائل لإيران، سواء علنًا أو سرًا، على ضرورة عدم التصعيد أو توسيع نطاق الصراع أو استغلال الوضع الحالي. أوضحنا أنه إذا تعرضت قواتنا لهجوم، فسوف نستجيب، وهذا ما فعلناه بالفعل. كما أن تعزيز وجودنا في المنطقة يعتبر رسالة واضحة لأي طرف في المنطقة - سواء كان دولة أو غير ذلك - بأن هذا ليس الوقت المناسب لاستغلال النزاع بين إسرائيل وحماس لتوسيع هذا الصراع.

رفض سيطرة حماس على قطاع غزة
وفي الحلول المرتقبة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، أشار المسؤول الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تعمل بنشاط على التواصل مع الأطراف المعنية لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة، وتسعى لضمان أمن إسرائيل عند انتهاء الحرب، ورفض العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل السابع من أكتوبر.

تؤكد واشنطن أن قطاع غزة يجب ألا يظل تحت سيطرة حماس، وأن أراضي غزة في أي سيناريو مستقبلي يجب أن تبقى أرضًا فلسطينية ولا يمكن تقليصها. نعمل مع شركائنا على تحديد الطريقة المثلى للتقدم بمجرد انتهاء الأزمة، مع إشراك الإسرائيليين والفلسطينيين في مقدمة القرارات.

وأوضح أن إسرائيل، حسب ما أعلنت، تقلل من عدد قواتها في غزة ومعركة رفح أصبحت في نهايتها، وهو ما يبدو أنه تحول تدريجي إلى عمليات أقل حدة في الشمال، وهذا ما كنا نشجع عليه. كما قال الرئيس بايدن، نود أن تعطي إسرائيل الأولوية لإنقاذ حياة المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة حتى مع استمرارها في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات حماس.

دعم جهود إطلاق الأسرى الإسرائيليين
وقال المسؤول الأمريكي: "نحن نؤمن أن الشعب الفلسطيني له الحق في العيش في دولة مستقلة بسلام وأمان، كما نركز على ضمان حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد حماس وحزب الله، وضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتحرير الرهائن. كما نسعى لعودة المواطنين الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال واللبنانيين إلى الجنوب".

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News")


المصدر : Transparency News