مسعود بزشكيان: الوجه الحقيقي للأصولي المتطرف في الملابس الإصلاحية
06-07-2024 09:07 PM GMT+03:00
في عام 2024، تم تتعيين مسعود بزشكيان كرئيس جديد لملالي إيران.
ومع هذا الاختيار، الذي بدى ظاهرياً كانتصار الفصيل الإصلاحي، كشف في الواقع عن الوجه الحقيقي للمؤسسة العسكرية، التي لا تفرق بين الإصلاحيين والأصوليين حتى في أعلى مستوياتها.
وبزشكيان، الذي له تاريخ طويل في خدمة نظام ولاية الفقيه وتنفيذ السياسات القمعية، مثال واضح على هذا الواقع المرير.
ولد مسعود بزيكيان البالغ من العمر 70 عامًا في مدينة مهاباد.
ومع وصول الخميني إلى إيران عام 1979، سرعان ما انضمت مسعود بزشكيان إلى الأيديولوجية الحاكمة الجديدة.
وبإنشاء الجمعية الإسلامية لطلبة كلية الطب، كان له دور فعال في مواجهة الاحتجاجات الشعبية والتنظيمات السياسية، وخاصة منظمة مجاهدي خلق.
وفي 6 نوفمبر 2014، وفي اعتراف صادم، ذكر بزشكيان دوره في قمع النساء والطلاب، وقال: "في بداية الثورة، كنت مسؤولاً عن التصفية، ولم يتم مناقشة الحجاب بعد، جعلت الحجاب إلزامياً في المستشفيات والجامعات وأغلقنا الجامعة. بدأنا الثورة الثقافية وأغلقنا الجامعات." ويظهر هذا الاعتراف أن بزشكيان لم يكون فقط منفذي السياسات القمعية، بل كان في كثير من الحالات رائداً في تنفيذ هذه السياسات.
كانت الثورة الثقافية، التي بدأت بمرسوم مباشر من الخميني في 13 يونيو 1980، بمثابة إحدى أحلك الفترات في تاريخ التعليم العالي في إيران.
وكان لبزشكيان، الذي كان من الناشطين الأساسيين في هذا الاتجاه في ذلك الوقت، دوراً في مهاجمة الجامعات وقمع الطلاب والأساتذة المعارضين.
وأُغلقت الجامعات لمدة ثلاث سنوات (من 1980 إلى 1983) وتم طرد واقصاء الآلاف من الأساتذة والطلاب من الجامعات.
وقد تسبب هذا الإجراء في توجيه ضربة لا يمكن إصلاحها لنظام التعليم العالي في البلاد، ولا تزال آثاره المدمرة، بما في ذلك انخفاض جودة التعليم وهجرة الأدمغة، مستمرة حتى يومنا هذا.
الحجاب الإلزامي هو إرث شرير آخر من الحقبة الثورية، والذي يفخر بزشكيان ببدءه في الجامعات والمستشفيات، وأصبح أحد الرموز الرئيسية لاضطهاد المرأة في نظام الملالي.
واستمرت هذه السياسة المناهضة للمرأة بقوة في كل ما يسمى بالحكومات الإصلاحية والأصولية، وتحولت تدريجياً إلى نظام قمع متعدد الطبقات، كان رمزه الأساسي دورية الإرشاد.
وأصبحت منظمة دوريات الإرشاد، التي تأسست عام 2005، أداة للعنف ضد المرأة.
وجاءت ذروة هذا القمع الممنهج في عام 2022 بمقتل الفتاة الكردية مهسا أميني على يد قوات دورية إرشاد. أثار هذا الحادث انتفاضة وطنية استمرت لمدة عام تقريبًا.
وقتل خلال هذه الاحتجاجات نحو 750 شخصا على يد القوات القمعية التابعة للنظام، وأصيب آلاف الأشخاص، واعتقل أكثر من 30 ألف شخص، كما تم إعدام بعضهم.
وكانت هذه المآسي هي النتيجة المباشرة للفكر والثقافة الرجعية التي يفتخر بها مسعود بزشكيان ويعتبر نفسه رائدها.
وخلال الحرب العراقية الإيرانية، لعب بزشكيان دورًا مزدوجًا.
وكان حاضرا في الجبهات كطبيب وحرسي وكان مسؤولا عن إرسال الفرق إلى الجبهات. هذه التجربة جعلته أحد الوجوه الموثوقة في النظام.
وبعد الحرب، بسبب دوره الاجرامية في الحرب تمت ترقية بزشكيان بسرعة في مختلف المناصب التنفيذية والسياسية.
كان رئيساً لجامعة تبريز للعلوم الطبية من عام 1994 إلى 2000 ثم عين نائباً لوزير الصحة بوزارة الصحة.
وكانت ذروة مسيرته التنفيذية في حكومة محمد خاتمي الثانية حيث شغل منصب وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي (2001-2005).
إن وجود بزشكيان في حكومة خاتمي، التي عرفت بحكومة الإصلاحات، يظهر مدى التعقيد والتناقضات في البنية السياسية في إيران.
وبينما وصل خاتمي إلى السلطة بشعارات إصلاحية، فإن وجود أشخاص مثل بزشكيان في حكومته أظهر أنه لم يحدث أي تغيير حقيقي في بنية السلطة.
وبعد انتهاء فترة الوزارة دخل بزشكيان إلى البرلمان وكان ممثلاً عن تبريز وأذرشهر وإسكو في الفترات الثامنة إلى الثانية عشرة.
حتى أنه وصل إلى منصب نائب رئيس البرلمان العاشر. أظهر هذا الاتجاه التصاعدي في المناصب السياسية ثقة النظام الكاملة في بزشكيان.
في عام 2003، تولى مسعود بزشكيان، وزير الصحة في حكومة خاتمي آنذاك وعضو لجنة تقصي الحقائق الرئاسية بشأن مقتل زهرا كاظمي، الصحافية الإيرانية الكندية التي قُتلت في السجون الإيرانية.
وبعد فحص الجثة وتشريحها أفاد بأن وفاة كاظمي جاءت نتيجة اصطدام جسم صلب برأسها مما أدى إلى كسر في الجمجمة ونزيف نتيجة لذلك.
ويذكر في هذا التقرير أن أعضاء كاظمي الأخرى سليمة، ولا توجد أي علامات لكسور أو جروح أو كدمات تدل على تعرضها للضرب.
وبهذه الطريقة، بزشكيان ينكر الجريمة في السجون الإيرانية ويبرئ النظام من جرائمه.
زهرا (زيبا) كاظمي كانت صحفية من أصل كندي إيراني تم القبض عليها لالتقاط صور من أماكن أثناء الاحتجاجات الطلابية وأعمال الشغب في إيران خلال رحلة لإعداد التقارير.
وفي الفترة من 23 إلى 27 يونيو 2003، كانت في السجن وتعرضت للتعذيب الوحشي.
وبطريقة ما، أصيب بارتجاج في المخ وتم نقلها إلى مستشفى بقية الله في طهران صباح يوم 6 يوليو/تموز. تم إدخالها إلى المستشفى بسبب إصابتها بارتجاج في المخ وتوفيت أخيرًا في 7 يوليو بعد عدة أيام من الغيبوبة.
وفي الأعوام الأخيرة، دفع خامنئي ثمنا باهظا من أجل السيطرة الكاملة على السلطة التنفيذية. لقد أبعد كل من يسمون بالإصلاحيين، وحتى الأشخاص مثل لاريجاني الذين كانوا على خلاف طفيف معه.
خامنئي، الذي أكد لسنوات على ضرورة وجود "حكومة حزب الله الشابة" لحل مشاكل البلاد، تمكن أخيرا من تعيين إبراهيم رئيسي رئيسا.
وكان رئيسي، باعتباره الوجه المعروف للمذبحة التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي عام 1988، معظمهم من مجاهدي خلق، تحت قيادة خامنئي بالكامل.
لكن مع فقدان رئيسي في حادث تحطم طائرته، لم يتمكن خامنئي من إيجاد بديل له. إن اختيار بزشكيان كرئيس جديد يظهر ضعف خامنئي المطلق في السيطرة على الوضع داخل النظام.
وهذا الاختيار، الذي يعتبر على ما يبدو تراجعاً عن موقف خامنئي السابق، يعبر في الواقع عن أزمة القيادة العميقة في النظام الايراني.
وخلال المناظرات الانتخابية قبل انتخابه لرئاسة الجمهورية، أعلن مسعود بزشكيان موقفه بوضوح. هو قال: "ليس لدي سياسة محددة وأنا المنفذ لسياسات خامنئي". تُظهر هذه التصريحات، التي انعكست على نطاق واسع في وسائل الإعلام المحلية الإيرانية، أن مهمة بزشكيان، على الرغم من مظهرها الإصلاحي، ليست في الواقع سوى بيدق تنفيذية لتعزيز سياسات خامنئي.
ويشكل هذا الموقف علنا تأكيداً على الطبيعة الحقيقية للنظام السياسي الإيراني، حيث لا يتمتع حتى الرئيس بسلطة كبيرة في تحديد السياسات الكلية للبلاد.
في النهاية، قصة مسعود بزشكيان هي قصة النظام، الفرق فيها بين الإصلاحي والأصولي ليس إلا على السطح.
إنه مثال واضح للأشخاص الذين، على الرغم من تاريخهم الطويل من القمع وانتهاك حقوق الإنسان، يظهرون اليوم بثوب الإصلاحية. وتكشف هذه الحقيقة ضرورة حدوث تغيير جذري في البنية السياسية الإيرانية أكثر من أي وقت مضى.