في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من غياب السياح الغربيين والعرب بسبب التوترات السياسية والأمنية، يشهد الوطن ظاهرة لافتة تتمثل في عودة المغتربين اللبنانيين بأعداد كبيرة. هؤلاء المغتربون، الذين تربطهم بالوطن مشاعر قوية وذكريات عزيزة، يأتون ليعيشوا لحظات صيفية مميزة وليعبروا عن تضامنهم مع وطنهم الأم في وقت المحن، متحدين التهديدات والظروف الصعبة.


يشهد لبنان في الوقت الراهن حركة لافتة للمغتربين اللبنانيين، الذين يتوافدون بأعداد كبيرة إلى وطنهم الأم، متحدين الظروف السياسية والأمنية الصعبة. ورغم الغياب شبه التام للسائح الغربي منذ إعلان "حزب الله" دعم غزة من جبهة الجنوب اللبناني في 8 أكتوبر، وغياب السائح العربي تبعاً لتحذيرات السفر الصادرة عن عدة دول عربية، يبقى المغتربون اللبنانيون العنصر الرئيسي في المشهد السياحي اللبناني هذا الصيف.

في مطار رفيق الحريري الدولي، تظهر مشاهد الواصلين من بلدان الاغتراب وهي تملأ شاشات التلفزة المحلية والعربية، حيث يتم سؤالهم عن دوافع مجيئهم ومشاعرهم تجاه لبنان في ظل الأوضاع الراهنة. الجواب المشترك بينهم يعكس حبهم للوطن وارتباطهم بجذورهم، حيث يعتبرون أن "الأهل والأصحاب والأرض" هي دوافع قوية للعودة، رغم المخاطر والتهديدات.

لبناني مغترب منذ 30 عامًا في كندا يروي كيف دفعه عدم الاستقرار في لبنان إلى الهجرة، لكنه لم ينسَ بلده أبدًا ويحرص على اصطحاب أولاده إلى لبنان كل سنة، ليظلوا مرتبطين بجذورهم ويحافظوا على لغتهم الأم. مغتربة أخرى مقيمة في فرنسا تؤكد أن التضامن مع الوطن في وقت المحن ضروري، وأن قضاء الإجازة في لبنان يسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، مشيرة إلى أن "كل شيء في لبنان له نكهة خاصة، من المناخ إلى الطعام".

مغترب آخر يأتي من الولايات المتحدة سنويًا يشير إلى أنه يجد في لبنان الراحة والسكينة وتعاطف الناس، وأن الابتسامة وحب الحياة والصمود هي سمات لبنانية فريدة.

مارون ضاهر، عضو نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة وصاحب شركة "سترايت لاين"، يؤكد أن أعداد الوافدين إلى لبنان هذا الصيف مرتفعة جدًا، مشيرًا إلى أن حركة السفر في يونيو تعادل نظيرتها في العام 2023، مما يعكس إصرار المغتربين على زيارة لبنان. ومع ذلك، يوضح ضاهر أن الحرب في غزة والتهديدات في الجنوب أثرت على عدد السياح الأجانب، الذين فضلوا عدم المجيء، فيما ظل توافد السياح العراقيين والأردنيين أقل من المعتاد، مما أثر على نسب الإشغال في الفنادق وبيوت الضيافة.

رغم كل التحديات، يتفق المغتربون اللبنانيون على أن "لبنان قطعة من قلبهم"، وأنهم لن يتخلوا عن زيارته مهما حدث. ومع ذلك، يظل حلم العودة النهائية إلى الوطن أمرًا معلقًا في ظل عدم تغير الواقع الذي دفعهم للهجرة في المقام الأول، لكنهم مستمرون في التمسك بحلم العودة إلى "وطن الأرز" و"وطن فيروز".


المصدر : Transparency News