في ظل تزايد المخاوف العالمية بشأن تأثير التكنولوجيا على الأطفال، كشفت دراسة بريطانية حديثة بالتعاون مع باحثين صينيين عن فعالية الإجراءات التي اتخذتها الصين للحد من استخدام الأطفال للأجهزة اللوحية. وتستعرض الدراسة تأثير هذه الإجراءات على سلوك الأطفال، مسلطة الضوء على تجربة الصين كنموذج يُحتذى به في هذا المجال.


كشفت دراسة بريطانية حديثة، بالتعاون مع باحثين صينيين، عن فعالية بعض الطرق التي اتخذتها بكين للحد من استخدام الأطفال للأجهزة اللوحية. وقد وضعت الصين مجموعة من المبادئ التوجيهية واللوائح المتعلقة باستخدام الإنترنت، بهدف التحكم في تمرير المعلومات المناسبة لكل فئة عمرية.

تشمل هذه المبادئ تفعيل خاصية في الأجهزة اللوحية تحظر الخروج منها بدون إذن الوالدين، بالإضافة إلى منع جميع القاصرين من الوصول لشبكة الإنترنت بين الساعة العاشرة مساءً وحتى السادسة صباحًا. هذه الإجراءات تأتي في إطار جهود الحكومة الصينية لحماية الأطفال من الاستخدام المفرط للتكنولوجيا وتأثيراتها السلبية.

في هذا السياق، أكدت الخبيرة التربوية الدكتورة فادية دعاس، في حديثها لبرنامج الصباح على "سكاي نيوز عربية"، على ضرورة فرض قواعد لاستخدام الأجهزة اللوحية. وقالت إن التزام الناس بهذه القواعد يختلف من مجتمع لآخر، مما يستدعي توعية أولياء الأمور بمخاطر التكنولوجيا على الأطفال.

وأوضحت الدكتورة دعاس أن القوانين التي وضعتها الصين تهدف لمصلحة الأطفال، مشددة على أهمية تغيير طريقة التفكير لدى الأهل للتكيف مع هذه القواعد. وأضافت أن نتائج الدراسة البريطانية أظهرت تغير سلوك الأطفال والتزامهم بساعات الاستخدام المحددة، مما يعكس فعالية هذه الإجراءات.

وأشارت الدكتورة دعاس إلى أن مدة تركيز الطفل هي ضعف عمره، أي إذا كان عمره خمس سنوات، فإن مدة تركيزه تكون عشر دقائق. وأكدت أن فرض قيود زمنية على استخدام الأجهزة اللوحية يمكن أن يساعد في تحسين تركيز الأطفال وتطوير مهاراتهم الاجتماعية.

الدراسة التي أجريت بالشراكة بين الباحثين البريطانيين والصينيين، جاءت لتقييم تأثير اللوائح الصينية على سلوك الأطفال واستخدامهم للأجهزة اللوحية. وقد وجدت الدراسة أن الأطفال أصبحوا أكثر انضباطًا والتزامًا بساعات الاستخدام المسموح بها، مما أدى إلى تقليل الوقت الذي يقضونه على الإنترنت وزيادة الوقت المخصص للنشاطات الأخرى.

تأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية بشأن تأثير التكنولوجيا على الأطفال، خاصة في ظل الإغلاقات الطويلة التي فرضتها جائحة كوفيد-19، والتي أجبرت العديد من الأطفال على البقاء في المنزل وزيادة استخدامهم للأجهزة اللوحية للترفيه والتعليم.

وبينما تتبنى بعض الدول سياسات مماثلة للحد من استخدام الأطفال للتكنولوجيا، تبقى التجربة الصينية نموذجًا يُحتذى به في كيفية تنظيم استخدام الأجهزة اللوحية والإنترنت بطريقة فعالة. تبرز هذه الدراسة أهمية وضع سياسات وقوانين تحمي الأطفال من التأثيرات السلبية للتكنولوجيا، وتدعو إلى تعزيز الوعي بين أولياء الأمور والمجتمع بأسره حول كيفية استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح وآمن للأطفال.

بذلك، يمكن للدول الأخرى النظر في هذه الإجراءات وتبني سياسات مشابهة لضمان استخدام الأطفال للتكنولوجيا بطريقة متوازنة ومفيدة، مما يسهم في تطوير جيل أكثر صحة وسعادة.


المصدر : Transparency News