يواجه لبنان أزمة سياسية حادة تتسبب في استمرار الشغور الرئاسي، مما يهدد استقرار الدولة ومؤسساتها. في ظل هذه الظروف الصعبة، تتعالى الأصوات محذرة من تداعيات استمرار الوضع الراهن على السلم والأمن الداخلي. يتزامن ذلك مع التوترات الإقليمية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويضع البلاد أمام تحديات كبيرة تتطلب توافقًا وحلولاً جذرية.


يواجه لبنان حالة انسداد سياسي حاد تعرقل انتخاب رئيس للجمهورية في ظل سقوط المبادرات المتتالية لإنهاء الشغور الرئاسي. يتزامن هذا مع عدم التوصل إلى وقف للنار في غزة، مما يثير تساؤلات حول كيفية التعايش مع الاضطراب السياسي والأمني القائم. وفقًا للوزير السابق رشيد درباس، هناك مخاوف من انحلال الدولة مع تمدد الشغور ليشمل المناصب الإدارية والأمنية والقضائية، مما يهدد بشلل في المفاصل الأساسية للدولة.

وفي ظل هذه الأزمة، يشير درباس إلى أن حكومة تصريف الأعمال تفتقر إلى خطة واضحة لخفض منسوب الأضرار المحتملة على لبنان. يتعاظم القلق من تدحرج لبنان نحو المجهول، خاصة وأن "حزب الله" يمتلك فائض القوة الذي يسمح له باتخاذ قراراته منفردًا، مثل مساندة "حماس" في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي لغزة دون التشاور مع القوى السياسية اللبنانية أو العودة إلى الدولة صاحبة القرار في السلم والحرب. هذا الوضع يحرج الحكومة أمام المجتمع الدولي الذي يسجل عليها تنازلها عن صلاحياتها.

ورغم قرار "حزب الله" بعدم ربط انتخاب رئيس للجمهورية بوقف النار في غزة، يبقى الوضع معلقًا بسبب تبادل الشروط بين المحور الممانع وقوى المعارضة، مما يعطل انتخاب الرئيس. يرى مصدر سياسي بارز أن القوى الرئيسية في البرلمان يجب أن تعترف بعجزها عن إنضاج الظروف السياسية المحلية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من حالة الجمود. يضيف المصدر أن سفراء اللجنة "الخماسية" والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان قد التزموا بتقديم الدعم للكتل النيابية لتسهيل انتخاب الرئيس.

ومع استمرار الضغوط الدولية والعربية لوقف النار في غزة وامتداد الهدنة إلى جنوب لبنان، فإن الطريق السياسي لانتخاب الرئيس لا يزال غير سالك. يشير المصدر إلى ضرورة تقديم الأطراف المعنية التسهيلات المطلوبة لتأمين انتخاب الرئيس، مرجحًا الخيار الرئاسي الثالث الذي توافقت عليه اللجنة "الخماسية" ولودريان.

في الوقت الحالي، يتمسك كل فريق بمرشحه، سواء "محور الممانعة" بدعم النائب السابق سليمان فرنجية، أو المعارضة التي تدعم الوزير السابق جهاد أزعور. بينما يُظهر رئيس مجلس النواب نبيه بري مرونة في اقتراحه التوافق على اسم الرئيس أو الذهاب إلى جلسة الانتخاب بثلاثة مرشحين أو أكثر.

يحذر درباس من أن استمرار الخلاف حول الرئيس سيدفع لبنان نحو مرحلة من التصفية السياسية، مما يتطلب من "حزب الله" تقديم التسهيلات اللازمة لانتخاب الرئيس. يجب على الحزب مراجعة موقفه والالتفات إلى الداخل اللبناني بدلًا من ربط مقاربته الرئاسية بأجندات إقليمية، لتجنب الدخول في مرحلة إدارة شؤون الدولة بالوكالة وتحقيق الاستقرار السياسي المنشود.


المصدر : الشرق الأوسط