يدخل إلى القاعة الملأى بالإعلاميين. يصافحهم واحداً واحداً، بمودة وابتسامة صادقة،ثم يجلس ويبدأ الكلام والترحيب، ويتكلم شارحاً رؤيته في كل الملفات. يستدرج محدثيه إلى المزاح،يتكلم عن زوجته وأبنائه وعائلته، وعن أصدقائه. عن الترويقة في صيدا في اليوم التالي، التي تنتظره ليستعيد مشاهد الطفولة، مع صافي كالو وسائر المقربين.يعرف عن كالو بأنه الأحب الى قلبه، ويضيف مازحاً: إياكم أن تحبوه أكثر مني.


هو بهاء رفيق الحريري الحقيقي، الذي يفاجئ من لم يلتقيه سابقاً. صورة مغايرة لما رسمته له بروباغندا التشويه.
في منتصف العمر، لكن يحتفظ بوسامة وجدية وقدرة لا متناهية على إشاعة جو غير مصطنع من الفكاهة. "علي أن أعود بعد عشرين يوماً من الغياب  إلى زوجتي،وأبنائي، كي لا تقع مشكلة.(ضاحكاً).
يتكلم، يستمع، يقرأ في خصائص من يوجه له الكلام، يستخلص يتفاعل، ثم يقول بعفوية: من دونكم لن أستطيع أن أحقق ما أطمح إليه لهذا البلد.
هو بهاء رفيق الحريري، الذي وعلى قدر ما تسمع عنه من مزايا سلبية، بفعل الدعاية الكثيفة والسوداء التي تستهدفه، تخال أنك ستصطدم معه بعد ثوان من الحوار. الصورة كانت مغايرة. 
تواضع غير مزيف، وصراحة تخشى على صاحبها منها، وجرأة قد لا تتوافق مع حقل الألغام اللبناني.
لا يرتدي القفازات، لا في مواقفه السياسية، ولا في رأيه الذي يعطيه جهاراً، في قضايا عائلية حساسة.
فخور بنجاحه في قطاع الاعمال. استلم مؤسسة من مئات الموظفين والعمال، وهو الآن على رأس شركات توظف 30 ألف موظف وعامل، في كل القارات وفي الكثير من القطاعات.
هل ستمارس السياسة بمنطق رجل الأعمال؟ يسأله أحدهم، فيجيب: من يدير مؤسسات وشركات بهذا الحجم، يعرف في تفاصيل التفاصيل، ويستطيع أن يتابع كل الملفات، وأن يكون مسؤولاً عن إنجاح المشروع، بروح من المسؤولية والتخطيط. تجربتي سأضعها في خدمة بلدي، ولدي تصور للقيام بالإصلاح وتنشيط القطاعات الاقتصادية في لبنان.
مهجوس بهاجس العيش المشترك، وصورة الدولة القوية، والتوازن بين الطوائف. يستعيد أخطاء جسيمة ارتكبت، منها التحالف الرباعي، الذي يصفه بالكفر السياسي. يقول علناً أنه يرفض تهميش أي مكون، ويعود الى التحالف الرباعي ليقول: كيف يمكن إخراج المسيحيين من التوازن الوطني، وهل يجوز ذلك،ويستطرد: التهميش ينتج التطرف، وهذا ما سنسعى إلى تجاوزه، فقدر اللبنانيين أن يعيشوا معاً متساويين تحت سقف الدولة.
متفائل بهاء الحريري بمستقبل لبنان. "نعيش الآن في عصر الدولة الفاشلة"ويضيف:لم أصادف في جولاتي إلا أناساً متعبين، من كل الطوائف والمذاهب دون استثناء"، الجميع يريد الخلاص والدولة، وهذا هو هدفنا.
بشفافية استثنائية، يصارح بهاء محدثيه. أريد أن أوضح حادثة يهاجمونني بها دائماً. حادثة "ياقوم" الشهيرة. حملت نعش والدي في التشييع وسط جموع المشيعيين. سقط النعش، فوجدت أنني ملزم بتهدئة الجموع، وكانت " ياقوم". يلومونني ويلاحقون هذه العبارة، ويستخدمونها.يقول له أحدهم بانفعال: هذه ليست تهمة ولن تكون. هذه ليست جريمة. هذه ليست مدعاة للتبرير. كفى استثماراً ضدك. الغرف السوداء لن تتوقف عن التشويه. فلتعتبر أن ما حصل لصالحك وليس ضدك.
يشعر أن هذا الرأي هو الصائب. يشعر أنه قد فهم بطريقة صحيحة، يتابع بصراحة وتصميم، مؤكداً أنه متفائل وأن عمله السياسي ومهمته، ستكون انطلاقاً من بيروت وصيدا وطرابلس، حيث سيتخذ في كل هذه المدن مقرات ثابتة.
بهاء الحريري مفاجأة غير سارة لماكينة التشويه، التي تتولى تلطيخ صورته بصفات ليست منه. كلما نجح في التواصل المباشر مع الناس، كلما هزم هذه الماكينة المنظمة.
اختباره صعب، لكن ما يمتلكه من مؤهلات، سيمكنه من فتح صفحة جديدة في الحياة السياسية في لبنان، أساسها حلم النجاح، بنقل الواقع من مرتبة السوء، إلى مرحلة الانطلاق الى بناء المستقبل.