كتب الصحافي محمد سلام


في تجربة نادرة يحاول الشيخ بهاء الحريري أن يثبت أن إستنهاض الحريرية الأولى عبر إعادتها إلى جذورها سيطيل من عمر التجربة، ويحول دون تهالكها على أيدي الجيل الثالث كما توقع مؤسس علم الإجتماع العربي إبن خلدون  قبل 700 سنة.
 يقول الشيخ بهاء إن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله وطيّب ثراه، كان "الرجل المناسب في الوقت غير المناسب."
عبارة أطلقها في لقاء تعارف مع صحافيين إستضافهم حول مائدة عشاء  بفندق الحبتور قبل إختتام جولته الإستطلاعية، واعداً بالعودة في أيلول لإطلاق تنظيم "المسار" الذي سيتولى إعادة الحريرية السياسية إلى درب المؤسس، ويلغي الفشل الذي طبع حقبة "بداية" توارثها.


فهل “الوقت المناسب" قد حان لإعادة التجربة الحريرية إلى السكة التي أرادها المؤسس؟؟؟
الشيخ بهاء يتحدث بحماس وإسهاب عن طموحه ومن ضمنه إطلاق توجه يؤدي إلى "Interaction of Interests" أي تفاعل أو تقاطع مصالح، يجذب الإستثمارات إلى لبنان في مختلف القطاعات، ما يستنهض البلد المنهار الذي لم يعرف تنفيذ أي مشروع تنموي جدي، منذ سقوط الحريرية السياسية، سواء بإغتيال الرئيس الشهيد، أو بإخراجها عن سكتها ورميها في حضن التحالف الرباعي مع الحزب التقدمي الإشتراكي والثنائي الشيعي، ما عزل المسيحيين الذين كان الرئيس الشهيد قد تعهد لهم بوقف العد، وضمن الحفاظ على المناصفة بموجب وعد "زي ما هيي" ، في إشارة إلى اللوائح الإنتخابية التي كان يشكلها وفق مبدأ المناصفة، ويضمن، بمونته ومحبة جمهوره، فوزها كاملة في الإنتخابات. 

حافظ تيار المستقبل على التمني الحاشد "زي ما هيي" مدعوما بالشعار التوجيهي "لنثأر في صناديق الإقتراع من 7 أيار" وفازت لوائحه في إنتخابات العام 2009، وبدلاً من أن يكافيء جمهوره الذي أمن له الفوز على الذين إعتدوا عليه وعليهم،  وإتُهموا بإغتيال قائدهم ونوابهم، قفز إلى التحالف الرباعي ليؤمن دعم الثنائي الشيعي لترشيح الشيخ سعد لرئاسة أولى حكوماته. 
وألّف الشيخ سعد حكومته الأولى التي نالت الثقة في 10 كانون الأول العام 2009 بعدما تعثرت قرابة خمسة أشهر حتى مُنحت حقيبة الطاقة والمياه للراسب في الإنتخابات جبران باسيل.


الشيخ بهاء يعتبر أن الإنضمام إلى الحلف الرباعي هو الخطيئة التي شقت البلد، من دون أن يأتي على ذكر التحالف الإنتخابي لاحقاً بين "المستقبل" والتيار العوني ودعوة الشيخ سعد سنّة الكورة الذين لا يمثلهم نائب، إلى أن يعطوا صوتهم التفضيلي لمن أسماه "صديقي جبران باسيل."

أثقلت الخطايا جسد الوطن المتهالك، مضافاً إليها ما أعطي سابقاً للنظام السوري من الإمساك بصلاحية الأمن في لبنان وإبقاء الإقتصاد للرئيس الشهيد، وهي شراكة لم يخترها  "أبا بهاء" بل فرضتها حقيقة أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كان شريكاً في إتفاق الطائف، ما تطلّب في حينه أن يوقف وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل التفاوض مع النواب اللبنانيين في الطائف، والسفر إلى دمشق للحصول على موافقة الأسد الأب علىى ما يتضمنه نص الإتفاقية، لقاء تكليفه "بحفظ أمن لبنان" في ما عرف بحقبة "السين.سين."

فهل حفظ حافظ الأمن،؟ وإحترم شروط الشراكة، أم فرضت  قواته ما لم يستطع لبنان بلعه ... فإختنق به؟ 
ويعيدنا تسلسل الأحداث إلى طرح السؤال مجدداً:
هل حان الوقت المناسب كي يتمكن "مسار" الشيخ بهاء من إستنهاض درب الشيخ رفيق؟؟؟
"كل شي بوقتو حلو," هو جواب الشيخ بهاء الذي تميز اللقاء معه بدفئه وإبتسامته بما يرقى إلى بداية صداقة مع الإعلام المحترف.
وماذا عن قصر قريطم؟
"قصر قريطم لن يباع،" أكد الشيخ بهاء. كاشفاً أنه سيعود إلى لبنان مع السيدة الفاضلة زوجته لتختار أماكن إقامة العائلة في بيروت وطرابلس وصيدا.

وقبل اللقاء مع الإعلاميين والخوض في الشؤون المحلية، كان الشيخ بهاء قد إستقبل سفير باكستان في لبنان سلمان أطهر.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية، أن الشيخ بهاء عرض مع السفير الباكستاني "آخر المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة، كما جرى الحديث عن المشروع السياسي-الإنمائي الذي يحمله بهاء الحريري وعن برنامج زيارته إلى لبنان".

العلاقة مع باكستان، الدولة المسلمة السنية الوحيدة المصنّفة قوة نووية، كان قد أسسها الرئيس الشهيد مع نظيره السابق نواز الشريف، ومن البديهي التوقع أن يعمل الشيخ بهاء على إستمرارها وتعزيزها.، لا سيما في ضوء التناحر النووي الذي تشهده المنطقة والعالم. 
فهل سينجّينا التحالف المتجدد مع باكستان من شظايا نيران الحرب الدائرة على أرضنا؟؟؟
يقول المثل الشعبي القديم: أقوال بعض الناس ألسنة الفلك ...


المصدر : Transparency.news