في حين يعاني المدنيون من ويلات الحرب على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، تتكشف خفايا الصراعات الإقليمية والدولية، حيث تسعى القوى الكبرى لإبراز نفوذها وتأمين مصالحها. هذه الديناميكيات المتشابكة تُظهر مدى تعقيد الوضع الراهن، مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية والإيرانية في ظل غياب قيادات دولية فعالة قادرة على احتواء الأزمة.


من السهل الحديث عن وجود نحو 60 ألف إسرائيلي خارج منازلهم في المناطق المحاذية للحدود مع لبنان، وذلك بعد قرار "حزب الله" دعم غزة. ومع ذلك، يصعب الاعتراف بأن غالبية اللبنانيين من جميع الطوائف والمناطق يعارضون هذه الحرب التي أدت إلى تهجير نحو مئة ألف لبناني وتدمير عشرات القرى دون فائدة تُذكر لغزة. الفائدة الوحيدة هي لإيران، حيث تسعى "الجمهورية الإسلامية" لتأكيد دورها كلاعب أساسي في منطقة الشرق الأوسط والخليج، مؤكدة أنه لا يمكن بحث مستقبل هذه المنطقة بمعزل عنها.

لا يمكن تجاهل الخسائر التي لحقت باليمن والحوثيين الذين يستفيدون من ميناء الحديدة. كذلك، لا يمكن الاستخفاف بالأضرار التي لحقت بجنوب لبنان، حيث فرض "حزب الله" تعتيماً شبه كامل على التغطية الصحفية للدمار في بعض القرى التي تحتاج إلى إعادة إعمار شاملة، رغم غياب أي جهة مستعدة لذلك حتى لو توقفت الحرب في غزة وفي جنوب لبنان. تصرّ إسرائيل على أن حساباتها في هذه الحرب منفصلة عن حسابات حرب غزة، على عكس ما تراه إيران.

المرحلة الراهنة تشهد تصعيداً إسرائيلياً وإيرانياً. بالنسبة لإسرائيل، يعود التصعيد إلى أن بنيامين نتنياهو، الذي ربط مصيره السياسي باستمرار الحرب، يشعر بأنه طليق اليدين في غياب أي رئيس أميركي فعّال يمتلك صفات قيادية. ومع اعتبار جو بايدن من الماضي، ينتظر نتنياهو عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مستغلاً الوقت لممارسة وحشيته في ظل غياب أي مشروع سياسي قابل للحياة. نتنياهو سياسي إسرائيلي يعاني من العقم على جميع المستويات، خاصة أنه يتجاهل وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين لا يمكن التخلص منه بأي شكل.

في المقابل، ليس أمام "الجمهورية الإسلامية" سوى التصعيد في كل الاتجاهات. ومن غير الصدفة أن يتزامن الهجوم الحوثي على تل أبيب مع حملة شنها عبد الملك الحوثي على المملكة العربية السعودية، مطلقاً تهديدات فارغة وافتراءات لأسباب مرتبطة بإجراءات اتخذت على صعيد النشاط المصرفي داخل اليمن.


المصدر : “الراي” الكويتية