مارون مارون - صحفي


أولاً من حيث الشكل، نرى كل قادة إسرائيل، من رئيس الحكومة إلى وزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهم من الوزراء والقادة العسكريين، يجولون على كل الجبهات بشكل علني، ويعقدون اجتماعات، ويسافرون إلى أقاصي الدنيا. فيما قادة الممانعة، مثل نصرالله، السنوار، مشعل، الحوثي، الخزعلي، قاآني وغيرهم، يختبئون تحت تاسع أرض في أقبية وتحصينات لا تشبه إلا القبور، لا يدخلها هواء ولا نور، وقد يموت فيها الإنسان لأن ظروفها غير صالحة للعيش والحياة. 
كل ذلك بكفة، والاستهدافات التي تطال كوادر الممانعة بكفة أخرى، بحيث يتم اغتيالهم وهم ليسوا على جبهات القتال التقليدية أو على متاريسهم. أي أنهم لا يسقطون نتيجة مواجهات ميدانية، بل يموتون وهم يتنقلون على الطرقات وفي سياراتهم أو في بيوتهم مع عائلاتهم وفي غرف نومهم، أي نتيجة تقاطعات استخبارية وتقنيات عالية. وعليه، عن أي توازن رعب وعن أي قوة ردع تتحدثون؟

ثانياً، إسرائيل تصول وتجول بطائراتها ومسيراتها فوق كل لبنان، وتستهدف ما يحلو لها ومن يحلو لها بدون أي اعتراض، وتعود الطائرات إلى مدارجها سالمة غانمة. وعليه، عن أي توازن رعب وعن أي قوة ردع تتحدثون؟

ثالثاً، سردية الممانعة كانت تقوم على أن الضاحية خط أحمر، وإذ بها تُستهدف مرتين وكل مرة باغتيال ثمين بالنسبة لإسرائيل. وأكثر من ذلك، فإن قادة الممانعة الذين كانوا يعتبرون أن الضاحية خط أحمر، فإذا بهم يدركون أن طهران بطبلها وزمرها ليست بخط ولا بأحمر، وها هو هنية خير مثل ومثال. وكما طهران، كذلك سوريا التي تتعرض لعشرات الغارات اليومية وتمتنع عن الرد بانتظار تحديد الزمان والمكان المناسبين. وكذلك ميناء الحديدة في اليمن خير شاهد وشهيد. ولا داعي للحديث عن غزة التي باتت ركاماً وأطلالاً وشعباً تائهاً يحاول الاختيار بين الموت جوعاً أو قصفاً، والنتيجة واحدة، الموت هو القاسم المشترك. وعليه، عن أي توازن رعب وعن أي قوة ردع تتحدثون؟

رابعاً، انتظر جمهور الممانعة اجتياح الجليل والمستوطنات المتاخمة للحدود الجنوبية، فإذا بقيادتهم تُخلي مقراتها ومراكزها في عمق الضاحية وفي مناطق بقاعية وجنوبية. وعليه، عن أي توازن رعب وعن أي قوة ردع تتحدثون؟

وبعد، فإن لائحة المفارقات تطول إنما لن نطيل. والخلاصة واحدة: أن سلاحكم هو لإخضاع الشعوب وليس لمحاربة إسرائيل، فلا توازن رعب ولا قوة ردع ولا من يحزنون. وبالتالي، يبقى السؤال الجوهري والمحوري هو الآتي: ممانعة على مين؟ والسلام.

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News").


المصدر : Transparency News