سمير سكاف - كاتب ومحلل سياسي


كل يوم تغتال اسرائيل قادة من حزب الله أو من الحرس الثوري الإيراني. ويتمّ تصويرها دائماً وكأنها لا تجرؤ، أو أنها لن تجرؤ مجدداً! لكن الواقع هو أن اسرائيل تقتل وإيران تدرس، وحزب الله سيرد، كما قال أمينه العام، مع الالتزام بقواعد الاشتباك "الموسعة". وهو ينتظر الزمان والمكان المناسبين للرد "الكبير"! 

 

وها هو العالم بأسره ينتظر الرد الإيراني، ومعه رد حزب الله ضد اسرائيل على اغتيال القادة اسماعيل هنية وفؤاد شكر! 

 

في الرد المنتظر ضد اسرائيل حذرت الدول الكبرى رعاياها من البقاء في... لبنان! وأخلت سفاراتها موظفيها في... لبنان! وألغت الشركات الدولية رحلاتها الى... لبنان! مع أن الرد هو على اسرائيل، وليس على لبنان! وفي حين أن هذه الأمور لم تُتخذ في الحجم نفسه في اسرائيل!

 

ومن الواضح ميدانياً، وتكنولوجياً، أنه لا يصعب على اسرائيل اغتيال أي كان في إيران أو سوريا أو لبنان، أو حتى في بلدان أخرى إذا أرادت! ولكن الأهم هو أن لا شيء يمنع من تكرار اغتيالاتها في إيران على وجه التحديد!

 

فالاغتيالات في إيران وسوريا ولبنان لا تغضب لا الأميركيين ولا حلف الأطلسي، بعكس اغتيالاتها "الممكنة" في قطر أو تركيا مثلاً!

 

يحيى السنوار هو الهدف رقم واحد لاسرائيل في الاغتيالات! وهو هدف تحقيق "النصر" على طوفان الأقصى بالنسبة لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، وهو الطريق الأقصر لإعلان هذا النصر! وهذا الهدف يرتب ارتكاب مجازر كبيرة نتيجة عمليات قصف وتدمير هائلة في رفح في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة!

 

في سوريا، ستستهدف اسرائيل مستشاري الأمن في الحرس الثوري الإيراني المكلفين بقيادة وتنسيق العمليات مع سوريا وحزب الله.

 

في لبنان، كل قادة الصف الأول العسكريين في حزب الله هم مستهدفون! وهم معروفون، وقد أقامت اسرائيل خرائط بالهرمية وبالأسماء لهم. ولكن أيضاً ستستهدف اسرائيل كل القادة الميدانيين في الحزب أيضاً.

 

*كيف قُتل اسماعيل هنية وفؤاد شكر؟!*

 

عنصران لا يتغيران في كل سيناريوهات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران:

1 - اسرائيل نفذت الاغتيال (مع استبعاد تنفيذ إيران له).

2 - اختراق الموساد الاسرائيلي لأنظمة الأمن الايرانية، وللمخابرات الإيرانية.

 

ما الفارق إذن، وما الهم، إذا ما كان هنية استُهدف بصاروخ موجه، أو بمسيّرة، عن بعد أو عن مسافة قريبة أو بعبوة مزروعة؟! كل الاحتمالات واردة. وذلك، بحسب سهولة تحرك عملاء اسرائيل الإيرانيين في طهران! فأسلوب الاغتيال يصبح عندها تقنياً بحتاً!

 

الأمر نفسه ينطبق على اغتيال قائد حزب الله العسكري فؤاد شكر مع عنصريين أساسيين:

1 - اسرائيل نفذت الاغتيال (مع استبعاد تنفيذ لبناني له).

2 - اختراق الموساد الاسرائيلي لأنظمة الأمن لحزب الله، ولمخابرات حزب الله.

وبالتالي، يمكن لاسرائيل اغتيال أي مسؤول في الحزب، مع صعوبة استثنائية بالوصول لشخص الأمين العام تحديداً. بينما كل قادة الحزب الآخرين هم بمرمى النيران الاسرائيلية!

 

وبالتذكير أن اغتيال عماد مغنية أول قائد عسكري لحزب الله كان في سوريا، وبظروف "مخابراتية" مشابهة!

 

*الرد الإيراني!*

 

تظهر إيران عن "برودة أعصاب" في كل الظروف. فهي "لا تتهور"! ولا تتسرع في الرد! بل تأخذ الوقت الكافي لدراسة أي حادث، كما لدراسة أساليب الرد المناسبة. 

 

ذلك، مع أنه من المفترض أن تكون هذه الدراسات لبنك الأهداف ولأساليب الردود جاهزة منذ زمن بعيد! والأمر نفسه ينطبق على حزب الله، الذي ينتظر دائماً لتحركاته الكبرى الضوء الأخضر من المرشد الإيراني أو من قائد الحرس الثوري!

 

وفي الردود العسكرية الإيرانية، صرّح الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب مؤخراً (صادقاً أم لا!) أن الايرانيين كانوا قد اتصلوا به لطمأنته أنه يجب الأ يقلق من أنهم مجبرون بالرد على اغتيال قاسم سليماني، وأنهم سيقصفون قاعدة عين الأسد ب 18 صاروخاً دقيقاً. وهم سيعمدون الى 

عدم تحقيق أي إصابة! وفي النتيجة، هذا ما حصل بالفعل!

 

استهدفت، وستستهدف اسرائيل قادة ميدان آخرين في حزب الله بعد القائد فؤاد شكر، وكذلك ستستهدف قادة عسكريين في الحرس الثوري الإيراني في سوريا، من دون استهداف قادة سياسيين حتى الساعة! هذا هو التسلسل الواضح في أسلوب الموساد الاسرائيلي في تنفيذ الاغتيالات بشكل موازٍ للعمليات العسكرية في هذه المرحلة!

 

هذا في حين، ستتوقف العمليات العسكرية في رفح بعد احتلالها وبعد اقتحامها أو بعد اغتيال يحيى السنوار! ولكن العمليات على لبنان ستنشط عندها أكثر فأكثر! وستستمر اغتيالات اسرائيل في لبنان وسوريا بشكل خاص. 

 

وبلغة كرة القدم، فإن اسرائيل تعتمد على الأسلوب الهجومي مع الاحتفاظ (بالكرة) بالمبادرة لأطول وقت ممكن، في حين تلتزم إيران، ومن خلفها حزب الله، دفاع المنطقة مع الهجمات المرتدة! 

 

هذا الأسلوب يعطي، في الظاهر على الأقل، تفوقاً اسرائيلياً واضحاً في تسجيل "الأهداف"! ويمكن أن تكون عندها الغلة ثقيلة جداً على المحور الإيراني برمته، من طهران الى العراق واليمن، وصولاً الى لبنان، والى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية!

 

اسرائيل تريد الحرب وإيران لا تريدها. اسرائيل تستفز إيران، وإيران تتجنب الأفخاخ الاسرائيلية. تريد إيران الرد من دون أن يعني ذلك أنها تريد الحرب... والسيد حسن نصرالله يبعد عنها كأس الحرب الإقليمية بخطابه بالأمس! ومع ذلك، فإيران تقول: Wait and see! والكل ينتظر! فهل "رح تحرز النطره" أم "رح يطلع الباشا زلمي"؟!


المصدر : Transparency News