في ظل التصعيد المتزايد بين «حزب الله» وإسرائيل، برزت مخاوف جديدة من احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة. في خطابه الأخير، وجه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله رسالة تحذيرية لإسرائيل، مشيراً إلى أن الرد على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر قادم لا محالة، لكن بتأنٍ واختيار دقيق للهدف. هذا الخطاب أثار حالة من الترقب في لبنان، حيث ينتظر الجميع تداعيات الرد المنتظر وتأثيره على مستقبل الصراع.


في خطابه الأخير، وجه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله تحذيراً حاداً للإسرائيليين قائلاً: «اضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً»، متوعداً بالانتقام لمقتل القائد العسكري البارز فؤاد شكر، الذي اغتالته إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي في منزله بمنطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت. وعلى الرغم من تصاعد التوترات، أشار نصر الله في خطاب تأبين شكر إلى أن الحزب و«محور المقاومة» ليسوا في عجلة من أمرهم للرد، مؤكداً أن اختيار الهدف بدقة هو الأولوية لتجنب اندلاع حرب واسعة، وأن الترقب الإسرائيلي المستمر هو بحد ذاته جزء من الرد.

وفي لبنان، يعيش المواطنون حالة من الترقب والخوف من تداعيات رد «حزب الله» المنتظر، خاصة إذا استهدف مواقع استراتيجية أو أوقع قتلى بين المدنيين الإسرائيليين، مما قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة لا يمكن تحمل عواقبها.

من جانبه، أشار العميد المتقاعد منير شحادة، منسق الحكومة اللبنانية السابق مع الأمم المتحدة، إلى أن خطاب نصر الله الأخير يعكس تحولاً كبيراً نحو معركة شاملة يشارك فيها «محور المقاومة» بأكمله، بما في ذلك إيران. وأوضح شحادة لـ«الشرق الأوسط» أن الرد على اغتيال شكر مؤكد ولكنه ليس فورياً، ويعتمد على اختيار الهدف المناسب والفرصة المثلى لتنفيذه. وأعرب عن اعتقاده بأن الرد سيكون بحجم جريمة اغتيال شكر، وربما يستهدف شخصية عسكرية إسرائيلية بارزة.

وعلى الرغم من قدرات «حزب الله» المتطورة منذ حرب 2006، يظل اختيار الهدف المناسب تحدياً كبيراً، خاصة في ظل التفوق التكنولوجي والجوي الإسرائيلي. ويرى شحادة أن «حزب الله» قد يلجأ إلى ضرب هدف عسكري استراتيجي أعمق من الأهداف السابقة إذا تأخر في استهداف شخصية إسرائيلية كبيرة. ويشير إلى أن الحزب قد يتجنب استهداف المدنيين الإسرائيليين، حرصاً على عدم تصعيد النزاع إلى حرب شاملة.

من جانبه، أكد العميد الدكتور حسن جوني، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن نصر الله ملتزم بحتمية الرد على اغتيال شكر، لكنه يترك تحديد التوقيت للميدان. وأوضح جوني أن الرد قد يكون غير تقليدي وغير متوقع، وقد يتضمن عملية خاصة برية أو بحرية أو جوية، لكن في الوقت ذاته سيسعى الحزب إلى عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تمنح إسرائيل مبرراً لشن حرب واسعة على لبنان.

ورغم تصاعد حدة العمليات العسكرية والتهديدات بين الجانبين، يعتقد جوني أن الأسباب التي منعت اندلاع حرب شاملة حتى الآن لا تزال قائمة، منها اعتبارات الردع المتبادل والإنهاك الذي أصاب الجيش الإسرائيلي بعد أشهر من القتال في غزة، بالإضافة إلى الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، لمنع توسع الصراع.

وفي سياق متصل، كشفت تقارير أن اغتيال فؤاد شكر، الذي يعتبر أحد أبرز قادة «حزب الله» منذ اغتيال عماد مغنية في دمشق عام 2008، يشكل ضربة كبيرة للحزب. ويُعتقد أن شكر كان العقل المدبر وراء تطوير برنامج الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة لدى الحزب. ومع تصاعد التوترات، يزداد القلق في لبنان من رد الحزب واحتمالات تفاقم النزاع إلى حرب إقليمية شاملة.

ختاماً، يعكس خطاب نصر الله الأخير توازناً دقيقاً بين الرغبة في الانتقام وضبط النفس لتجنب اندلاع حرب واسعة، وسط مخاوف من تداعيات أي عملية عسكرية كبيرة على لبنان والمنطقة.


المصدر : الشرق الأوسط