عاد شبح الحرب ليخيم على الضاحية الجنوبية لبيروت، مما دفع سكانها لإعادة تفعيل خطط الطوارئ التي كانوا قد وضعوها سابقًا، استعدادًا لما قد يحمله المستقبل من تطورات. في ظل هذه الأجواء، شهدت الحياة اليومية في الضاحية تغييرات جذرية، حيث بدأت المناطق التي كانت تعج بالحركة تنغمس في صمت لم تعهده من قبل.


خلال الأشهر العشرة الماضية، كانت فكرة قصف الضاحية الجنوبية بعيدة عن الواقع. ولكن، بعد استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمبنى سكني في حارة حريك في 30 يوليو الماضي في محاولة لاغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، ومع ازدياد الاختراقات الجوية فوق بيروت، باتت الضاحية تعيش أجواء الحرب قبل أن تبدأ. عاد العديد من سكانها إلى تنفيذ خطط الطوارئ التي أعدّوها مع بداية تصاعد الأزمة في غزة، بعدما ظنوا أن منطقتهم ستظل بمنأى عن الصراع. نتيجة لذلك، بدأ الكثيرون في البحث عن سكن خارج الضاحية، فيما غادر آخرون بالفعل.

في جولة سريعة في مناطق مثل حارة حريك، الرويس، بئر العبد، برج البراجنة، وطريق المطار، يمكن ملاحظة أن الحياة هناك تغيّرت بشكل كبير. الضاحية فقدت كثيراً من صخبها المعتاد، وأصبحت حركة المرور خفيفة نهاراً وهادئة ليلاً. حتى رحلات سيارات الأجرة أصبحت تستغرق دقائق قليلة، بعدما تراجعت أعداد الركاب إلى النصف بسبب قلة التنقلات التي باتت تقتصر على الذهاب للعمل والزيارات الضرورية.

الأسواق أيضًا شهدت ركودًا في حركة البيع والشراء. "بعد الحرب"، كان الرد الشائع على استفسارات الزبائن عن توفر السلع. أصحاب المحلات يؤجلون أي تعاملات كبيرة إلى ما بعد انتهاء الأزمة، وسط تراجع ملحوظ في الإقبال على الشراء.

عدد كبير من العائلات غادر الضاحية، فيما يقضي البعض يومهم هناك ويعودون ليلاً إلى مناطق أكثر أمانًا. في برج البراجنة، على سبيل المثال، غادرت جميع العائلات في أحد المباني إلى الشوف باستثناء عائلتين فقط. وقررت نوادٍ رياضية إغلاق أبوابها بعد مغادرة موظفيها إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا مثل بعلبك. أما من بقوا في الضاحية، فقد جهّزوا حقائبهم وسياراتهم تحسبًا لأي طارئ.

المطاعم لا تزال تعمل، لكن مع انخفاض في أعداد الزبائن. ففي مطعم "الجواد داينينغ" على طريق المطار، تشير مسؤولة العلاقات العامة إلى أن الحركة تراجعت بنسبة 25% نتيجة الخوف والترقب. لكن هذا الحال يختلف في "سناك الآغا" على أوتوستراد السيد هادي، حيث لم تتأثر حركة البيع بنفس القدر، ربما لأن البعض فضل الاعتماد على الوجبات الجاهزة بدلاً من الطبخ في المنزل، كذريعة للخوف من الحرب.


المصدر : Transparency News