د. شربل عازار - عضو "الجبهة السيادية من أجل لبنان"


اثنان لا يريدان الاعتراف أن الزمن الأول قد تحول، الثنائي الشيعي بشقّيه، والنائب جبران باسيل.

فـ"حزب الله" غير قادر على استيعاب أنه خسر مبرر وجوده منذ 8 تشرين الأول 2023، يوم افتعل حرب المساندة والإشغال التي لم تُفِد غزّة بشيء. وبالتالي سقطت سرديته القائمة على شعارات "تحرير القدس" و"إزالة إسرائيل" من الوجود و"وحدة الساحات" وغيرها من المقولات التي أثبتت المواجهة الحالية عجزها، وعدم جديتها، وعجزها عن تحقيق أيٍّ من النتائج والأهداف المعلنة لمحور الممانعة. هذا من ناحية "حزب الله".

أما بالنسبة لرئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، فهو لا يزال يتصرف وكأنه الممسك الوحيد بقرار المجلس النيابي، ولا يريد أن يتقبل أنه رئيس المجلس النيابي "إداريًا" وليس رئيس النواب، وبالتالي ليس له حق الإمرة عليهم، ولا يحق له تعديل فقرات الدستور أو روحيته. وأما بدعة بري القائلة بأن الحوار على طاولة مستديرة هو المدخل الطبيعي والوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية، فهذا أمر مرفوض وغير قابل للتطبيق، لأنه اغتيال للدستور. والمراهنة على ضعف المعارضة وخضوعها كونها "أم الصبي" هو رهان في غير محله، لأنها لن تُلدغ مرة أخرى.

ويبقى النائب باسيل الذي يعتقد أن نبش قبور الماضي والكلام عن العقل الميليشيوي، كما فعل مورّثه الرئيس ميشال عون منذ العام 1988، سيعيد حالة التسونامي التي جرفت، في ساعة تخلي، كل منطق في الشارع المسيحي خاصة. متناسيًا أن الناس كشفت ما كان مستورًا في عقل الرئيس عون كشنّ حرب التحرير "لتكسير رأس حافظ الأسد" لأن الأخير لم يقبل دعمه لرئاسة الجمهورية. فأتى اتفاق الطائف ثمرة حرب التحرير، وكذلك التمرّد على الطائف الذي أتى بالرئيس الشهيد رينيه معوض ومن ثم بالرئيس الياس الهراوي لأن النواب لم ينتخبوا ميشال عون للرئاسة. وفي عهد الهراوي، وبعد أن أصبح عون قائدًا سابقًا للجيش بفعل تعيين العماد إميل لحود قائدًا جديدًا له، شنّ ميشال عون حرب إلغاء على القوات اللبنانية بحجة توحيد البندقية وإلغاء الميليشيات. وها هو "التيار الحرّ" برئاسة باسيل، ومنذ عشرين سنة، يسيرُ بملء رضاه وإرادته وقناعته خلف "الدويلة"، ضاربًا بعرض الحائط أسس قيام الدولة المرتكزة على أن الدستور والقوانين فوق الجميع، وأن الجيش اللبناني وحده له الحق بامتلاك السلاح.

لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وكما خُتِمَ "سدّ المسيلحة" بالشمع الأحمر لعلّة "بنيوية" لا حلّ لها، ستُختَم هكذا مسيرة الشعبوية والأضاليل والدجل السياسي التي غزت العقول والمشاعر منذ العام 1988.

( الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News