تزداد التساؤلات حول مستقبل قوات "اليونيفل" الدولية العاملة في المنطقة فمع تعقيدات المشهد الراهن، والتحديات المتزايدة التي تواجهها القوات الدولية، تتزايد المخاوف بشأن قدرتها على مواصلة دورها في حفظ السلام، خاصة في ظل الدعم الغربي لإسرائيل وعجز الأمم المتحدة عن اتخاذ خطوات فعالة لوقف العدوان. هذه التطورات تضع اليونيفل أمام اختبارات صعبة، في وقت تقترب فيه المداولات حول قرار تمديد مهمتها في لبنان.


يوماً بعد يوم، تتزايد التحديات أمام القوات الدولية العاملة في جنوب الليطاني (اليونيفيل)، ما يثير تساؤلات حول مستقبل قوة "حفظ السلام" في ظل التطورات المتسارعة. يعزز من هذه التساؤلات الظروف الراهنة، بما في ذلك الدعم الغربي العام لإسرائيل، وعجز الأمم المتحدة عن اتخاذ مبادرات فعالة لوقف العدوان على غزة. هذه المعطيات تضع دور اليونيفل في جنوب لبنان تحت مجهر الشك، خصوصاً في ظل النظرة الإسرائيلية التي ترى في هذه القوة مجرد مراقب لحزب الله، وتتعامل معها بحذر يصل أحياناً إلى حد استهداف مواقعها بالنيران لتوجيه رسائل واضحة.

تتعدد مخاوف اليونيفل مع ارتفاع احتمالات اندلاع حرب واسعة على الجبهة اللبنانية، لا سيما بعد مجزرة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، واغتيال القائد العسكري في المقاومة فؤاد شكر، إضافة إلى تعرض جنودها لخطر النيران المتبادلة على الحدود. تجدر الإشارة إلى أن القوات الدولية كانت على مرّ السنوات هدفاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي قتل وجرح العديد من جنودها.

وعلى غرار ما فعلت البعثات الأجنبية الأخرى، بدأت اليونيفل باتخاذ إجراءات وقائية، شملت إجلاء عائلات الموظفين الأجانب ووضع خطط طوارئ تحاكي سيناريوهات متعددة، بما في ذلك الإخلاء الكامل في حال صدور قرار من نيويورك بذلك. إلا أن هذا الخيار يبقى آخر الاحتمالات، مع بقاء القوات الدولية ملتزمة بدور ما لدعم السكان في الجنوب اللبناني.

من المخاوف الأخرى التي تواجه اليونيفل، تحولها إلى مصدر خطر على الجنوبيين، رغم محاولاتها القيام بنشاطات اجتماعية لضمان ترحيب الأهالي بوجودها. كما يبرز الخوف من فقدان دورها في ظل تصاعد الصراع وانتفاء مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية.

ورغم هذه التحديات، يبدو أن قرار التمديد لليونيفل نهاية الشهر الجاري سيمضي قُدماً، بغض النظر عن محاولات التشويش الحالية. فالجانب الغربي لا يزال يعوّل على دورها في مرحلة "اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب. كما أن إسرائيل تدرك أهمية وجود القوات الدولية على الحدود اللبنانية، فيما يتمسك الجانب الرسمي اللبناني بها لاعتبارات متعددة، ولا يمانع حزب الله بوجودها رغم بعض التصرفات العدائية التي صدرت عن بعض الكتائب أو الأفراد.

قبل أيام من بدء المناقشات الجدية بشأن قرار التمديد، تواجه المحاولات الأميركية لتعديل نص القرار، بما في ذلك استبدال "وقف الأعمال العدائية" بعبارة "تخفيض الأعمال العسكرية"، مقاومة شديدة. في ظل الكباش الحالي في مجلس الأمن، يبدو من الصعب على الولايات المتحدة إقناع الصين وروسيا بالتعديل، في حين تتمسك فرنسا بالنص الحالي. حتى بريطانيا، التي عادة ما تساند الأميركيين وإسرائيل، قد تجد نفسها مضطرة للتفكير مرتين قبل الانسياق خلف الرغبات الأميركية، بالنظر إلى رغبتها في الحفاظ على دورها المستقبلي في جنوب لبنان.

كذلك، فإن اقتراح خفض مدة التمديد إلى ستة أشهر بدلاً من سنة يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالأمم المتحدة. فمثل هذا الخفض سيضيف توتراً جديداً مع بداية العام، بدل ترحيل التوتر المعتاد إلى الصيف المقبل، ولا يبدو أن هذا الاقتراح يحظى بفرص أكبر من التعديلات الأخرى. في النهاية، يبقى التوصل إلى اتفاق حول أي تعديل في مجلس الأمن أمراً شبه مستحيل.


المصدر : وكالات