جوزف بو هيا


في ظل تصاعد التوترات في لبنان، خاصة على الجبهة الجنوبية، تعالت أصوات منتقدة للحكومة اللبنانية، متهمة إياها بالتقاعس في مواجهة التداعيات الخطيرة لحرب يديرها حزب الله بغطاء إيراني، دون أي تنسيق مع الجهات الرسمية في الدولة. من بين هذه الأصوات، كان سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، الذي وجه اتهامًا صريحًا للحكومة بالخيانة نتيجة عدم قيامها بواجباتها ومسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني.

جعجع، في تصريحاته الأخيرة، أشار بوضوح إلى أن الحكومة اللبنانية أصبحت رهينة لمغامرات حزب الله العسكرية، حيث يتخذ الحزب قرارات الحرب والسلم بشكل منفرد، متجاهلًا مؤسسات الدولة الشرعية. وأكد جعجع أن هذا الوضع العبثي الذي يفرضه حزب الله أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، بينما التزمت الحكومة بالصمت، دون اتخاذ أي خطوات فاعلة تتناسب مع حجم الكارثة.

تزامنت تصريحات جعجع مع نشر حزب الله فيديو دعائي بعنوان "عماد 4" يظهر الأنفاق العسكرية التابعة له. وترافق الفيديو مع تعليق من السفارة الإيرانية في بيروت، أكدت فيه بوضوح سيطرة طهران على قرارات الحرب في لبنان، مما يشير إلى تجاهل واضح لسيادة الدولة اللبنانية. وللمفارقة، فإن الحكومة التي تجاهلت هذا الفيديو والتصريح الإيراني، سارعت فقط للرد على انتقادات جعجع، الذي يحاول لفت الانتباه إلى تقصير الحكومة الفادح في حماية مصالح الشعب اللبناني.

في ردها على جعجع، أكدت الحكومة بشكل غير مباشر صحة انتقاداته، حيث أظهرت عجزها عن مواجهة الواقع السياسي والأمني الذي يفرضه حزب الله. ورغم ذلك، لم تتخذ أي خطوات حقيقية لحماية المواطنين أو لتجنب جر البلاد إلى حرب جديدة.

إن عدم رد الحكومة على الفيديو الدعائي لحزب الله يعكس ضعف إرادتها الوطنية ويعزز الانطباع بأن قرار الحرب والسلم قد أصبح فعليًا خارج نطاق سيطرة الدولة اللبنانية. في ظل هذا التخاذل، كان من المتوقع أن تتخذ الحكومة موقفًا أكثر شجاعة وكرامة في الدفاع عن سيادة لبنان، كما طالب جعجع، وأن ترد بحزم على تصريحات السفارة الإيرانية في بيروت، التي تتعامل مع الأراضي اللبنانية كجزء من نفوذها الإقليمي.

ما يطالب به جعجع ليس مجرد موقف سياسي معارض، بل هو دعوة جادة لتحمل المسؤولية وحماية الوطن من الانزلاق نحو الفوضى. هذا المطلب المتكرر من معظم الشعب اللبناني يكتسب أهمية أكبر اليوم في ظل تصاعد التحديات التي تواجه لبنان، وفي ظل عجز الحكومة عن القيام بأبسط واجباتها الوطنية.

في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل ستستمر الحكومة اللبنانية في التماهي مع حزب الله على حساب سيادة الدولة ومصلحة الشعب، أم ستتخذ خطوات جريئة تعيد للبنان هيبته وسيادته؟ حتى الآن، الرد على هذه التساؤلات لا يزال غائبًا، بينما يستمر نزيف لبنان على جميع المستويات.

(الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News").


المصدر : Transparency News