أشارت مجلة "فورين بوليسي" في تحليلها الأخير إلى أن البنك الدولي يواجه ضرورة ملحة لإعادة النظر في استراتيجيته لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة المتعلقة بالفقر وعدم المساواة. وذكرت المجلة أن البنك الدولي، الذي تأسس في عام 1944 بهدف تمويل إعادة الإعمار والتنمية بعد الحرب العالمية الثانية، يواجه اليوم تحديات جديدة تتطلب استجابة أكثر فعالية، خاصة في ظل الارتفاع المتوقع في معدلات الفقر والتفاوت في الدخل.


وأوضحت المجلة أن البنك الدولي، الذي كان يهدف في السبعينيات إلى تسريع النمو الاقتصادي والحد من الفقر، قد فشل في تحقيق أهدافه قبل عام 1990، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ذروته في عام 1980، ثم استقر المعدل مع أوائل تسعينيات القرن العشرين. ورغم النجاحات التي حققتها الصين والهند في رفع ملايين من الناس من براثن الفقر منذ عام 1990، فإن هذه النجاحات كانت ناتجة عن إصلاحات داخلية أكثر من كونها نتيجة للمساعدات المقدمة من البنك الدولي، التي كانت تركز بشكل غير متناسب على أفريقيا.

وتناول التقرير مشكلة التباعد العالمي التي لاحظها البنك الدولي في عام 2003، حيث كانت هناك مجموعة من 60 دولة فقيرة تتركز في أفريقيا وآسيا الوسطى، والتي عانت من تخلف تدريجي عن بقية الدول. ولفتت المجلة إلى أن هذه الدول، التي أطلق عليها وصف "المليار الأدنى"، لم تستفد بشكل كافٍ من الطفرة الاقتصادية التي شهدها العالم بين عامي 2003 و2014، حيث انهارت أسعار السلع الأساسية بعد عام 2014، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في هذه المناطق.

ووفقاً للتحليل، إذا استمر الاتجاه الحالي، فقد يرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر التي حددها البنك الدولي عند 2.15 دولار للفرد بشكل مطرد بدءاً من عام 2035. وتؤكد المجلة أن التحديات التي تواجه البنك الدولي تتطلب تجديد استراتيجيته بشكل عاجل، خاصة في المناطق التي ركز عليها البنك لفترة طويلة.

وتشدد "فورين بوليسي" على أن الأصول في المليار الأدنى تبقى ثابتة مقارنةً بنمو الأصول في الأسواق الناشئة والمليار المحظوظ في العالم المتقدم. ويعكس ذلك تفاوتاً كبيراً في الثروة، حيث بلغ متوسط نصيب الفرد من أصول المليار المحظوظ نصف مليون دولار في عام 2020، بينما كان متوسط أصول المليار الأدنى أقل من واحد على ثلاثين من هذا الرقم.

وتختتم المجلة تقريرها بالدعوة إلى ضرورة إصلاحات جذرية في سياسات البنك الدولي لمواكبة التحديات الجديدة وضمان تحقيق تقدم فعلي في تقليل الفقر وتعزيز التنمية المستدامة على مستوى العالم.


المصدر : وكالات