تشهد الحدود اللبنانية-الإسرائيلية تصعيداً عسكرياً متزايداً، مع استخدام إسرائيل للتكنولوجيا المتقدمة في عملياتها ضد "حزب الله" والمناطق الحدودية. فقد توسعت مهام المُسيّرات الإسرائيلية لتشمل إحراق الأحراش، وترهيب المدنيين، وجمع البيانات الاستخباراتية بطرق غير تقليدية. في المقابل، يواصل "حزب الله" التأكيد على قدرته على الرد بالمثل على أي اعتداء، رغم اعترافه بوجود فارق نوعي في التسليح مع إسرائيل. تتزامن هذه التطورات مع غارات إسرائيلية مكثفة على الجنوب اللبناني، واستهداف متبادل للمواقع العسكرية، مما ينذر بتصعيد أوسع في الفترة المقبلة.


لم تعد مهام المُسيّرات الإسرائيلية تقتصر على ملاحقة العناصر المقاتلة في جنوب لبنان واغتيالها أو جمع المعلومات الاستخباراتية فحسب؛ بل توسعت لتشمل إحراق الأحراش والمساحات الخضراء، وترهيب المواطنين في الجنوب عبر اعتراض سياراتهم ليلاً وبثّ بيانات عبر مكبرات الصوت.

مقاطع فيديو ومعلومات ميدانية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن بعض الأدوار الجديدة التي تنفذها المُسيّرات الإسرائيلية. ويعد من أخطرها اعتراض إحدى المُسيّرات الإسرائيلية لمواطن في بلدة الخلوات الحدودية في قضاء حاصبيا، واحتجازه في سيارته لعدة دقائق، ما يعكس تصعيداً واضحاً في استخدام هذه التكنولوجيا للترهيب والمضايقة.

احتجاز مواطن في سيارته:

ذكرت قناة "الجديد" التلفزيونية المحلية أن مُسيّرة إسرائيلية احتجزت مواطناً داخل سيارته لفترة وجيزة، مسلطة عليه أشعة ضوئية قوية، قبل أن يتمكن من مغادرة المكان بسلام. 

من جانبها، أفادت وسائل إعلام محلية أخرى بأن الحادث وقع فجراً أثناء عودة المواطن إلى منزله، حيث اعترضته المُسيّرة وأطلقت عليه أشعة خضراء قوية، مسحت جسده وسيارته، ما تسبب له في ألم حاد نتيجة تعرض عينيه لضوء شديد.


ولم يُعرَف طبيعة الضوء الذي تعرَّض له، لكن خبراء في التقنيات يؤكدون أن هذا الضوء يستحيل أن يكون أشعة، بل يمكن أن يكون ضوءاً سلَّطته المُسيّرة على السيارة، بغرض الإضاءة عليه، وتمكين الكاميرا من مسح وجهه، وجمع البيانات عنه. وقال أحد الخبراء إن المسح لا يحتاج إلى ليزر، بل إلى كاميرا تنقل تُجري مسحاً لوجهه وتنقل المعلومات إلى الحاسوب، حيث يجري التعرف عليه بتقنية الذكاء الاصطناعي خلال ثوانٍ معدودة.

ويشير خبراء، تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، إلى أن التطور التكنولوجي لدى إسرائيل «كبير جداً»، ويضع هؤلاء الإضاءة على سيارة المواطن في إطار الترهيب، في واحد من الاحتمالات، أو التأكد من هويته بغرض اغتياله، أو اعتراضه بغرض تحليل بياناته من خلال تحليل صورة شكل الجسم، ويعدون في جميع الأحوال أن ما جرى ينطوي على خطورة.

إشعال الحرائق ونشر الكاميرات

تتوسع مهام المُسيّرات الإسرائيلية في جنوب لبنان لتشمل عمليات جديدة، حيث أظهر مقطع فيديو تم تداوله في لبنان، الجمعة، مُسيّرة تلقي مواد حارقة على الأحراش الحدودية في منطقة العديسة، ما أدى إلى اشتعال النيران في المنطقة.

إلى جانب ذلك، تتولى المُسيّرات أدواراً أخرى تشمل التحليق فوق القرى الحدودية وهي مزودة بمذياع كبير، تطلق من خلاله تحذيرات للسكان، وتتلو بيانات الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت، بالإضافة إلى بث شتائم وتحريض ضد "حزب الله"، وفق ما أفاد به السكان. وقد تكررت هذه العمليات في عدة قرى حدودية على مدى أيام خلال الشهر الماضي.

فارق بالتسليح

أقرّ "حزب الله" بوجود فارق نوعي في التسليح بينه وبين إسرائيل، حيث صرّح النائب حسن فضل الله، يوم الجمعة، بأن الحزب لا يدّعي أن العدو غير قادر على شن حروب أو تدمير، ولا يدّعي وجود توازن في التسليح بين الجانبين. 

وأضاف فضل الله أن "حزب الله" يعتمد على التجربة والوقائع اليومية ليؤكد أن لبنان بات في مرحلة يستطيع فيها ردّ الصاع صاعين لأي اعتداء إسرائيلي. وأشار إلى أن استهداف المدنيين من قبل إسرائيل سيضع مستوطنات جديدة ضمن دائرة المواجهة، وأن المقاومة ستعلن ذلك بشكل واضح. وأكد أن الحزب تمكن من ترسيخ معادلة الردع والحماية، حيث يقابل أي ضرب في العمق الإسرائيلي بضرب مماثل في العمق. وختم فضل الله بالتأكيد على أن "حزب الله" يتصرف بحكمة ووعي وشجاعة، وأن التهديدات والرسائل الإسرائيلية لن تثني المقاومة عن موقفها.

قصف متواصل

يتواصل تبادل إطلاق النار في جنوب لبنان، حيث شن الطيران الحربي الإسرائيلي، فجر اليوم، سلسلة غارات على أطراف قرى زبقين والناقورة ووادي حامول في القطاع الغربي، ما أسفر عن أضرار جسيمة في الممتلكات والمزروعات والأحراج المحيطة. كما استهدف الجيش الإسرائيلي أطراف بلدة عيتا الشعب بعدد من قذائف الهاون، فيما تعرضت أطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب لقصف مدفعي كثيف.

من جانبه، أعلن "حزب الله" في بيانين منفصلين أن مقاتليه استهدفوا موقعين عسكريين إسرائيليين في مزارع شبعا، ما يعكس استمرار التصعيد العسكري بين الطرفين على الحدود اللبنانية.


المصدر : الشرق الأوسط