مع تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني واحتمالات اندلاع حرب واسعة النطاق، يبرز السؤال الملح حول استعداد لبنان لمواجهة أعداد كبيرة من المصابين بالحروق، خاصة في ظل نقص كبير في أسرّة العلاج المتخصصة. في وقت تسعى فيه الحكومة لإيجاد حلول لمواجهة هذه الأزمة، تبقى مشكلة نقص الموارد والتجهيزات في المستشفيات المتخصصة والمستشفى التركي غير المفعل في صيدا عائقاً رئيسياً. مع تزايد التحديات، أصبح من الضروري تسليط الضوء على الوضع الراهن وإيجاد حلول سريعة وفعالة لضمان تقديم الرعاية اللازمة للمصابين.


في ظل تصاعد المخاوف من تطور الأوضاع في الجنوب إلى حرب واسعة، وانطلاقاً من نموذج غزة حيث استخدم العدو قنابل محرمة، تواجه الحكومة اللبنانية تحديات كبيرة تتعلق بإمكانية مواجهة أعداد كبيرة من المصابين بالحروق. ويبرز السؤال الأهم: كيف يمكن معالجة هذا العدد الكبير من المصابين في ظل نقص أسرّة الحروق المتاحة؟

في لبنان، يوجد مستشفيان خاصان متخصصان في معالجة الحروق، إضافة إلى مستشفى حكومي أعادت وزارة الصحة افتتاح قسم الحروق فيه بعد إغلاقه خلال جائحة كورونا. من بين هذه المستشفيات، يُعد مستشفى السلام في طرابلس الأكبر من حيث عدد الأسرّة المتوفرة (33 سريراً)، يليه مستشفى الجعيتاوي (9 أسرّة). كما يضم مستشفى النبطية الحكومي، الذي أعيد افتتاح قسم الحروق فيه لمواكبة الأزمة في الجنوب، 6 أسرّة. وقد تم أخيراً توقيع اتفاق تعاون مع مستشفى حمود الجامعي الذي أنشأ وحدة لمعالجة الحروق. ومع ذلك، فإن العدد الإجمالي للأسرة المتاحة لا يتجاوز 48 سريراً، ما يشكل مشكلة كبيرة في حال استخدام العدو مواد متفجرة حارقة مثل الفوسفور الأبيض.

يشير الدكتور جوزف الحلو، مدير العناية الطبية في وزارة الصحة، إلى أن القدرة الاستيعابية الحالية ليست كافية حتى في الظروف الطبيعية، ويذكر حادثة انفجار منطقة التليل في عكار قبل ثلاث سنوات، والتي أسفرت عن إصابة عشرات الأشخاص بالحروق، ما تطلب إرسال بعضهم إلى تركيا للعلاج. ويشدد الحلو على أن لبنان يحتاج إلى زيادة عدد الأسرّة المتخصصة في علاج الحروق.

في هذا السياق، تبرز معضلة عدم تشغيل المستشفى التركي المخصص لمعالجة الحروق والذي أنشئ في صيدا بعد حرب تموز. على الرغم من مرور 14 عاماً على إنجازه وتجهيزه، لم يتم افتتاحه بسبب خلافات بين وزارة الصحة وبلدية صيدا حول الصلاحيات والإمكانات. ورغم محاولات سابقة لتشغيل المستشفى، بما في ذلك تخصيص 7.5 مليارات ليرة لبنانية لإدارته، فإن الأزمة المالية قد أثرت سلباً على تقدم العمل فيه. وفي عهد الوزير فراس الأبيض، تم إعادة طرح ملف المستشفى وافتتاح عدة أقسام فيه، لكنها لم تحقق الهدف الأساسي من إنشائه كـ"مستشفى للحروق والطوارئ"، وفقاً للدكتور عبد الرحمن البزري. وقد تم فتح أقسام للأشعة والطوارئ والمختبر والعلاج الفيزيائي، في حين لا يزال افتتاح قسم خاص للحروق بعيد المنال. 

تشير التقديرات إلى أن السبب الرئيسي وراء التأخير في تشغيل المستشفى هو نقص الإمكانيات المالية اللازمة لمعالجة الحروق، من أدوية ومستلزمات طبية.


المصدر : Transparency News