في ظلّ تعقيدات المشهد السياسي اللبناني، يبرز توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، بتهم فساد مالي كعنصر جديد يضاف إلى الصراعات السياسية القائمة. فالتداعيات المحتملة لهذا التوقيف قد تقلب التوازنات الداخلية، خاصة مع ما يمتلكه سلامة من أسرار مالية وسياسية تراكمت خلال ثلاثة عقود من وجوده في موقعه. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الجهود الدولية لتسهيل انتخاب رئيس جديد للبنان وسط حالة الشغور الرئاسي، تزداد التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التطورات ستعيد ترتيب الأوراق السياسية في البلاد أو ستطيل أمد التعقيد الراهن في المشهد اللبناني.


يتصدر توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، بتهم تتعلق بجرائم مالية، المشهد السياسي في لبنان، لما قد ينجم عن هذا التوقيف من تداعيات خطيرة. فمنذ ثلاثين عاماً قضاها سلامة في منصبه، احتفظ بالكثير من الأسرار المالية والسياسية التي قد تؤثر إفاداته بشأنها خلال التحقيقات على توازنات القوى السياسية في البلاد، خاصة تلك المعنية حالياً بالملف الرئاسي من ناحية الترشيح والاقتراع. ويُطرح السؤال هنا: هل سيسهم توقيف سلامة في خلط الأوراق السياسية، أم أن الأمر لا يزال مبكراً للحديث عن تأثيرات ملموسة؟

وفي هذا السياق، ينتظر الجميع ما سيقرره قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، بعد أن تسلم الملف من النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، الذي أحال قضية الادعاء بجرائم سلامة المالية إليه.

لقاء العلولا ولودريان

وفي ظل انشغال الجميع بتوقيف سلامة، يبرز اللقاء الذي عُقد في المملكة العربية السعودية بين المستشار في الديوان الملكي السعودي، نزار العلولا، والمبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، بحضور السفير السعودي لدى لبنان، وليد البخاري، والذي يأتي في إطار مساعي اللجنة الخماسية (المكونة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) لتسهيل انتخاب رئيس جديد للبنان.

ومع انتظار تحرك جديد من اللجنة الخماسية، تتساءل مصادر سياسية لبنانية عن استعداد المجتمع الدولي لضمّ ملف انتخاب الرئيس اللبناني إلى أجندته بالتزامن مع الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وتؤكد تلك المصادر أن انتخاب الرئيس اللبناني يظل مرتبطاً بضرورة التوصل إلى وقف النار في غزة، وأن هذا بدوره قد يؤثر على الوضع المشتعل في جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله». 

 هل يطول الشغور الرئاسي؟

وتنقل المصادر عن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، قوله إن توافق النواب على انتخاب رئيس جديد سيساعد في تهيئة الظروف الخارجية الملائمة لانتخابه. وأشار إلى أنه سيدعو إلى جلسة انتخابية في حال تأمين النصاب القانوني المطلوب، مع التزام الأعضاء بعدم مقاطعة الدورات الانتخابية المتتالية.

ومع ذلك، فإن الخلافات بين النواب قد تجعل من الصعب على المجتمع الدولي تقديم المساعدة في تسهيل انتخاب رئيس ما لم يتوصلوا إلى توافق بينهم. وهو ما يعني أن الشغور الرئاسي قد يطول، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين الكتل النيابية في مقاربتهم للملف الرئاسي، وهو ما دفع «اللقاء الديمقراطي» إلى الدعوة للتوافق على مرشح توافقي.

 التمديد لقائد الجيش بحكم المؤكد

وفي ظل عدم توافق النواب على انتخاب رئيس جديد، فإن التمديد لقائد الجيش، العماد جوزف عون، يبدو شبه مؤكد لتجنب الفراغ في المؤسسة العسكرية. وخصوصاً بعد قرار مجلس شورى الدولة بإبطال تمديد وزير الدفاع لعضو المجلس العسكري، اللواء بيار صعب، مما يعزز احتمال التمديد للعماد عون مع انتهاء ولايته الأولى في يناير المقبل.

وبينما يبقى احتمال التمديد لعون هو الخيار الأرجح، يعتمد موقف «حزب الله» على كيفية تفاعل الأوضاع السياسية والأمنية في الجنوب، وموقفه من تعزيز دور الجيش هناك، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة.


المصدر : الشرق الأوسط