تتصاعد التوترات السياسية والأمنية في لبنان على أكثر من جبهة، إذ يعود الصراع في جنوب البلاد إلى الواجهة مع دخول «حرب المشاغلة» شهرها الحادي عشر، في ظل استمرار التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله». وفي الوقت نفسه، يشهد المشهد الداخلي تطوراً جديداً مع انطلاق مسار قضائي غير مسبوق ضد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بتهم فساد خطيرة، بينما تستمر الأزمة الرئاسية التي تعيشها البلاد منذ عامين من دون حل يلوح في الأفق. هذا التداخل بين الملفات الساخنة يجعل لبنان أمام تحديات كبيرة تهدد استقراره على مختلف الأصعدة.


مع دخول «حرب المشاغلة» في جنوب لبنان شهرها الـ11، عادت هذه الجبهة لتتصدّر المشهد في بيروت، بعدما خفّت حدة عملياتها لبعض الوقت. جاء ذلك بالتزامن مع انطلاق مسار قضائي غير مسبوق بحق حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، بتهم «اختلاس الأموال العامة والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال». وفي ظل هذا التطور، تزايدت محاولات تحريك الأزمة الرئاسية التي تدخل عامها الثاني في 31 أكتوبر المقبل.

وفي الوقت الذي تركز فيه الاهتمام الداخلي على التداعيات السياسية والمالية والقضائية لوضع سلامة تحت الملاحقة، بعد ادعاء النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم عليه، وانتظار قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، لتحديد موعد استجوابه في قضية «الـ42 مليون دولار» وسط توقعات بإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه، تصاعدت التوترات في جبهة الجنوب. فقد كثفت إسرائيل عملياتها ضد «حزب الله» في المنطقة، في محاولة لفرض توازن ردع مع الحزب الذي يسعى بدوره لردع الهجمات الإسرائيلية، خاصة بعد اغتيال القيادي فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو، وما تبعه من ردّ محدود للحزب في 25 أغسطس.

ورأى محللون أن تكثيف إسرائيل لهجماتها يأتي إما للإبقاء على «الطبخة ساخنة» استعداداً لأي اختراقات في مفاوضات هدنة غزة، أو لمحاولة رفع الدينامية العسكرية على الجبهة اللبنانية بهدف استدراج تفاهم «تحت النار» أو فرض واقع جديد يخدم مصالحها.

وعلى وقع القصف الإسرائيلي لبلدة قبريخا الذي أسفر عن مقتل سيدة وإصابة طفل وآخرين بجروح، وما تلاه من غارات على مواقع تابعة لـ«حزب الله»، تصاعدت عمليات الحزب الجوية ضد المواقع الإسرائيلية، مستهدفاً مواقع عسكرية بثلاث هجمات مسيّرات في الجنوب. كما وسّع الحزب ضرباته لتشمل مستوطنات إسرائيلية جديدة، مثل نؤوت مردخاي، رداً على الهجمات الإسرائيلية على القرى اللبنانية.

من جهة أخرى، يترقب لبنان زيارة مرتقبة لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل منتصف الأسبوع المقبل لبحث الوضع في الجنوب، في ظل الدعوات لمؤتمر دولي تنظمه إسبانيا لبحث الأزمة في غزة ولبنان، بمشاركة دول أوروبية وعربية ودولية.

وعلى الصعيد السياسي، برز اهتمام بالاجتماع الذي يُفترض أنه عُقد في الرياض بين المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان – إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، لمناقشة الملف الرئاسي اللبناني، في ظل تأكيدات بأن اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة، السعودية، فرنسا، مصر، وقطر) تسعى لمساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد، من دون فرض حلّ جاهز.


المصدر : “الراي” الكويتية