مارون مارون - صحافي


من الواضح، لا بل من المُؤكّد أن "حزب الله" قد رفع الراية البيضاء جنوباً، ولو من دون إعلان رسمي، وذلك عبر ثلاثة مؤشرات: 
أولاً، عندما أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن المُسيّرات قد انطلقت من البقاع وليس من الجنوب في عملية الأربعين، بما معناه أن نصرالله أراد طمأنة إسرائيل أن لا مسيرات في الجنوب ولا داعي للهلع، وهو لم يكن مضطراً للإعلان عن تفاصيل عسكرية دقيقة بشكل مجاني... 
ثانياً، عندما أعلن نصرالله أيضاً في الخطاب ذاته أنه قبل الغارات الإستباقية الإسرائيلية، تم إخلاء الجنوب من منصات الصواريخ، أي أنه أراد القول أن لا صورايخ في الجنوب، في إشارة ثانية لطمأنة سكّان المستوطنات في شمال إسرائيل، وبالتالي لا داعي للقلق...
ثالثاً، عندما دعا أبناء الجنوب للعودة الى بيوتهم، وكأنه يقول لهم، نحن من جهتنا انتهينا من الحرب ومن إسناد غزّة، وقد ساندناها حتى آخر حجر في آخر حي من أحياء الجنوب، ولا داعي بعد اليوم للبقاء خارج أرضكم التي باتت محروقة وبيوتكم باتت رُكاماً وأطلال، وفي ذات الوقت كاد يقول لإسرائيل أننا وجّهنا الدعوة لأهالي الجنوب للعودة، وبإمكانكم توجيه دعوة مماثلة لسكان المستوطنات للعودة، وعفى الله عمّا مضى، على قاعدة "يا دار ما دخلِك شر".
لكل هذه الأسباب، إضافة إلى سقوط مُعادلة وحدة الساحات ومصطلحات توازن الرعب وقوة الردع في مقابل انعدام التوازن التقني والأمني والعسكري لمصلحة إسرائيل، وبالتالي الخسائر البشريّة المرتفعة لدى "حزب الله" مقابل خسائر تكاد لا تُذكر لدى الجانب الآخر مع غياب أي عملية نوعية سواء على مستوى الإغتيالات أم على مستوى تدمير منشآت عسكريّة او حيويّة.
وبذلك، يكون محور الممانعة قد رفع الراية البيضاء، نعم رفع الراية البيضاء، وتخلّى عن كل شعاراته الفضفاضة والرنانة، ولم يعد ينقص المشهد سوى القول: "لو كنتُ أعلم"... والسلام.