وسط تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في لبنان، تتواصل الجهود لإيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي في ظل تحديات داخلية وإقليمية معقدة. وبينما تستأنف اللجنة الخماسية تحركاتها لتحقيق توافق محلي ودولي حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تتزايد المخاوف من تأثير الصراع في غزة والتصعيد الإسرائيلي على الجنوب اللبناني على المشهد السياسي. وفي ظل التحركات الدبلوماسية الهادفة لفصل الملف اللبناني عن تداعيات الحرب الإقليمية، تبقى الشوارع اللبنانية مشتعلة بالتحركات المطلبية، في حين تتصاعد المخاطر الأمنية على الحدود الجنوبية بفعل استمرار الغارات الإسرائيلية، مما يضع البلاد أمام مفترق طرق يتطلب حلولاً عاجلة وموقفاً موحداً.


أكدت مصادر خاصة لـ"الأنباء" أن هناك توافقاً محلياً ودولياً على فصل مسار انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان عن تداعيات الحرب في غزة والتصعيد الإسرائيلي على جبهة الجنوب اللبناني. وعلى هذا الأساس، استأنفت اللجنة الخماسية تحركاتها واتصالاتها للبحث في الملف الرئاسي، وسط مساعٍ لتعزيز التوافق بين الأطراف المعنية.

وكشف مصدر سياسي مطلع لـ"الأنباء" أن بعض القوى السياسية اللبنانية طرحت توسيع اللجنة الخماسية لتضم السفير الإيراني في بيروت، لتصبح سداسية. إلا أن هذا الطرح قوبل بالرفض لأسباب سياسية تتعلق باللجنة الخماسية نفسها وليس بالدولة اللبنانية. وأكد المصدر أن توسيع اللجنة ليصبح تمثيلها سداسيًا هو مطلب لبعض القوى اللبنانية كخطوة أولى لحل أزمة الشغور الرئاسي.

وأشار المصدر إلى أن اللجنة الخماسية وضعت خطة عمل جديدة ومختلفة عن السابق، تهدف إلى تقديم طروحات وأفكار جادة للتوصل إلى نتائج إيجابية في انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بثقة النواب والمجتمع الدولي. كما أكد أن اللجنة لن تتراجع عن متابعة الملف الرئاسي مهما واجهت من عقبات، وأنها بحاجة إلى بعض الوقت لتحقيق أهدافها.

وعلمت "الأنباء" أن اللجنة الخماسية تجري لقاءات غير علنية مع عدد من النواب من مختلف الاتجاهات السياسية للوصول إلى قواسم مشتركة تتيح انتخاب رئيس توافقي. وأفاد النواب في هذه اللقاءات أنهم على استعداد للتحاور والتشاور بهدف تسهيل انتخاب رئيس غير استفزازي لأي طرف.

وفي السياق نفسه، يتوجه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزف بوريل، إلى لبنان في إطار جولة في المنطقة، في مسعى لإيجاد تسوية تضمن فصل المسار اللبناني عن الحرب الدائرة في غزة.

ورغم أهمية الملف الرئاسي، إلا أنه لا يزال يتراجع في ظل تطورات الحرب في الجنوب اللبناني، حيث أدت الغارات والقصف الإسرائيلي إلى تدمير عدد من المنازل وتشريد عائلات عدة من القرى الحدودية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية ويثير مخاوف من موجات نزوح وهجرة داخلية.

وفي موازاة ذلك، تتصاعد الحركة المطلبية في لبنان مع وضع الحكومة مشروع موازنة 2025 على الطاولة وانطلاق العام الدراسي الجديد، حيث عاد العسكريون المتقاعدون إلى الشارع للاحتجاج على الأوضاع المعيشية، ما أدى إلى تأجيل جلسة الحكومة بعد عدم اكتمال النصاب.

ميدانيًا، واصلت القوات الإسرائيلية تصعيدها العسكري، حيث شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على بلدات الجنوب اللبناني، من بينها الخيام والناقورة وعيتا الشعب، مما ألحق أضرارًا مادية بالممتلكات والبنى التحتية. كما استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية دراجة نارية على طريق باب مارع - صغبين في البقاع الغربي، ما أدى إلى إصابة مدنيين، فيما نعى "حزب الله" أحد كوادره الذي استشهد في الهجوم.


المصدر : الأنباء