بدأ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوم أمس الأربعاء زيارته الأولى إلى خارج البلاد منذ توليه الرئاسة إلى العراق.


,تهدف زيارة پزشکیان، إلى العراق التي بدأت يوم الأربعاء 11 سبتمبر، إلى تحقيق المزيد من الإيرادات على حساب الشعب العراقي، وزج العراق في الحروب المدمرة في المنطقة لخدمة مصالح النظام الإيراني. يسعى النظام إلى استغلال العراق بشكل أكبر لإنقاذ نظام الملالي من أزماته الداخلية والإقليمية والدولية.

علي خامنئي، الولي الفقيه للنظام الإيراني، الذي شهد في انتفاضة عام 2022 كراهية الشعب الإيراني للنظام، وأدرك حجم المقاطعة الواسعة للانتخابات البرلمانية  بنسبة 92 بالمائة للناخبين في مارس 2024، أصيب بالذعر من احتمالية سقوط نظامه. ولذلك، مهد الطريق لوصول مسعود پزشکیان إلى السلطة ليستمر في تنفيذ خطط النظام داخل إيران وعلى مستوى المنطقة بوجه جديد.

پزشکیان هو أداة مخلصة لخامنئي، وأعلن بوضوح أنه ذاب تمامًا في ولاية الفقيه وليس لديه أي برنامج سوى تنفيذ أجندة خامنئي. ولكن النظام يجد نفسه عالقًا في مستنقع الأزمات الداخلية والخارجية دون وجود مخرج. يعترف المسؤولون ووسائل الإعلام التابعة للنظام بأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تعصف بإيران هي نتيجة 45 عامًا من حكم الملالي النهبوي الاستلابي، وأن هذه الأزمات لا يمكن حلها ضمن إطار النظام الحالي والمجتمع الإيراني أشبه ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وهناك بوادر انتفاضات أكبر من تلك التي شهدتها البلاد في عام 2022 تلوح في الأفق.

موسوي لاري، وزير الداخلية الأسبق للنظام، قال إن «پزشكيان هو آخر سهم في جعبة النظام». بينما قال تقي آزاد، أحد خبراء النظام، في 12 أغسطس أي بعد مهزلة الانتخابات الرئاسية للنظام: «الوضع الاجتماعي سيئ، الوضع السياسي سيئ، والرئيس في حالة سيئة أيضًا. هذا الوضع خلق أزمة جديدة. إذا لم يتصرف السيد پزشكيان بشكل صحيح، أعدكم بأنه بعد أربعة أشهر سنشهد احتجاجات كبيرة في شوارع طهران، وستحدث مذابح في البلاد».

ومع ذلك، فإن واقع النظام أكثر سوءًا. ففي هذا الأسبوع، خالف پزشكيان وعوده الانتخابية ورفع أسعار الخبز في 90% من المدن ، الذي يُعد الغذاء الأساسي للشعب الإيراني. كما أعلن أنه يحتاج إلى 200 مليار دولار للخروج من الأزمة الاقتصادية، نصفها يجب أن يأتي من الخارج.

إقليميًا، يجد النظام الإيراني نفسه في مأزق. في العام الماضي، أشعل خامنئي الحرب في الشرق الأوسط للهروب من الأزمات الداخلية ولإنقاذ نظامه من السقوط. لكن الآن، هو عالق بين خيارين: إذا صعّد الحرب، فسوف تمتد إلى داخل إيران، مما سيؤدي إلى خروج الناس إلى الشوارع وسقوط النظام. وإذا تراجع عن شعاراته الزائفة بشأن تحرير فلسطين وتدمير إسرائيل، فسوف تنهار عناصره في الداخل وبالتالي ينهار النظام. لذلك، على الرغم من التهديدات المتكررة بالانتقام لاغتيال إسماعيل هنية في طهران، لم يُظهر النظام أي رد فعل لحد الان.

في ظل هذه الظروف، يحاول النظام الإيراني استغلال العراق بشكل أكبر، بعدما أصبح تحت سيطرة الملالي، لخدمة مصالحه الخاصة. بالطبع، لا يمكن لأي مناورات يقوم بها خامنئي داخل إيران أو الإجراءات التي يتخذها في العراق والدول الأخرى أن تنقذ النظام من السقوط بيد الشعب الإيراني، لأن النظام وصل إلى نهايته.

في 10 سبتمبر 2024، ذكر موقع "ديدار" التابع للنظام أن «الريال الإيراني هو العملة الأقل قيمة في العالم». وفي 8 سبتمبر، نشرت صحيفة "هم ميهن" الحكومية أن «92% من الإيرانيين يحتجون على الوضع الحالي». وفي نفس اليوم، صرح وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي بأن «30% من السكان يعيشون تحت خط الفقر»، بينما يشير الخبراء إلى أن النسبة الحقيقية قد تصل إلى 80%. وفي 22 أغسطس، قال محمد تقي أكبر نجاد، أحد أساتذة الحوزة الدینیة في قم، مخاطبًا خامنئي ومسؤولي النظام: «لقد انتهت فرصتكم».

وبالتالي، فإن نظام الملالي يتجه نحو السقوط، لكنه لن يتوقف حتى آخر يوم من وجوده في السلطة عن قمع ونهب الشعب الإيراني واستغلال الدول التي يسيطر عليها مثل العراق. سيواصل النظام تحميل تكلفة بقائه من جيوب شعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، وسيتاجر بدماء الأبرياء في فلسطين لتحقيق مصالحه. ولكن الحرب في المنطقة لن تنقذ النظام، والشعب الإيراني يعارضها بشدة. من المثير للاهتمام أن المتقاعدين في تظاهراتهم في مختلف المدن الإيرانية كانوا يرددون شعارات مثل: «كفى من إشعال الحروب، مائدتنا فارغة».


ذكرت الصحف الرسمية التابعة للنظام بعض الأهداف المعلنة لزيارة پزشکیان إلى العراق، التي تتمحور حول تعزيز السيطرة الإيرانية على العراق واستغلاله لتحقيق مصالح النظام.
الصحف الرسمية التابعة للنظام الإيراني، مثل صحيفة "فرهیختگان" المرتبطة بعلي أكبر ولايتي، وزير خارجية النظام خلال حرب إيران والعراق، وصحيفة "إيران" التابعة لحكومة پزشکیان في 10 سبتمبر، بالإضافة إلى وكالة الأنباء الحكومية "إيلنا" في 9 سبتمبر، قد لخّصت أهداف زيارة پزشکیان إلى العراق ضمن النقاط التالية:

1. الهدف الرئيسي للزيارة ذو طابع اقتصادي، يهدف إلى جلب الأموال وإبرام عقود تساهم في حل الأزمات الاقتصادية التي يواجهها النظام. ومن أبرز هذه الأهداف «تحرير 11 مليار دولار من الأموال المجمدة للنظام الإيراني في العراق»، وهي أموال تعود لعائدات تصدير الكهرباء والغاز إلى العراق، التي لم يتمكن النظام من استردادها بسبب العقوبات المفروضة عليه. يسعى النظام إلى ممارسة ضغوط على الحكومة العراقية لاستعادة هذه الأموال.

2. إبرام عقود تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري وتنفيذ مشاريع مثل توسيع شبكة السكك الحديدية، ومد خطوط أنابيب الغاز والنفط، واستغلال الحقول الغازية المشتركة. يسعى النظام لاستغلال نفوذ ميليشياته المسيطرة على الحكومة العراقية لمواصلة استنزاف ثروات العراق. لذلك، رافق پزشکیان في زيارته ممثلو الشركات التابعة للحرس الثوري والمؤسسات المرتبطة بخامنئي للتفاوض حول مشاريع في قطاعات النفط والزراعة والكهرباء وغيرها.
3. 

3. من بين أهداف الزيارة أيضًا، تنظيم وضع الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في العراق، وكذلك الأحزاب والجماعات السياسية العراقية الخاضعة لسيطرة طهران. ورغم أن هذه الملفات تُدار بالكامل من قبل مكتب خامنئي وقوة القدس التابعة للحرس الثوري، إلا أن حكومة پزشکیان تركز بشكل أساسي على الأهداف الاقتصادية، مع نقل رسائل أمنية وسياسية لتحقيق الأهداف التالية:

4. توحيد الأحزاب والفصائل الموالية للنظام في الحكومة العراقية، مثل نوري المالكي، هادي العامري، عمار الحكيم، قيس الخزعلي وغيرهم، في ظل تصاعد الخلافات بينهم حول استغلال موارد العراق، وهو ما يثير قلق النظام الإيراني بشدة.

5. إعادة تعريف العلاقة بين النظام والميليشيات التابعة له في العراق، بهدف تعزيز سيطرتها على البلاد، وزيادة استغلالها في زعزعة الاستقرار وإشعال الحروب في المنطقة.

6. استغلال الحكومة العراقية والميليشيات الموالية للنظام في قمع وإخراج الجماعات المعارضة للنظام الإيراني في إقليم كردستان.

7. الضغط على الحكومة العراقية لإخراج القوات الأمريكية من العراق، ما سيمكن النظام الإيراني من بسط سيطرته الكاملة على البلاد. وذكرت صحيفة "فرهیختگان" في 10 سبتمبر: «يجب على إيران تشجيع الجانب العراقي على متابعة قضية إخراج القوات الأمريكية».

8. وأشارت صحيفة "إيران" التابعة لحكومة پزشکیان في 10 سبتمبر إلى أن: «أحد الجوانب الرئيسية لزيارة الرئيس إلى بغداد هو التركيز على التعاون الأمني بين إيران والعراق، والذي يستند إلى اتفاقية أمنية تهدف إلى تحقيق الاستقرار وضمان الأمن على الحدود الشمالية الغربية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع العراق».

أما فيما يتعلق بمدى نجاح پزشکیان في حل هذه القضايا في العراق، فهو أمر سيتضح قريبًا. لكن فيما يخص أداء پزشکیان داخل إيران بعد انتخابه، فإنه لم يحل أي من تناقضات النظام، بل زادت الخلافات الداخلية بين الفصائل الحاكمة بشكل كبير. إلى جانب ذلك، ارتفعت الأسعار، وازدادت معدلات قمع النساء، وعمليات القتل والإعدام بشكل ملحوظ. كما شهدت البلاد توسعًا في التظاهرات والاحتجاجات من مختلف فئات المجتمع.