مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إحداث تطورات هائلة في مختلف القطاعات، تبرز تحديات وفرص جديدة في سوق العمل، خاصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات. ففي حين يوفر الذكاء الاصطناعي فرصاً وظيفية مبتكرة ويعيد تشكيل مهام الوظائف التقليدية، يثير أيضاً قلقاً متزايداً بشأن تأثيره المحتمل على البطالة ومستقبل الأدوار المهنية. وسط هذا الجدل، يُطرح السؤال: هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف وزيادة البطالة، أم أنه سيفتح آفاقاً جديدة تعزز من مرونة وتطور القوى العاملة؟


في ظل التطور السريع الذي يشهده الذكاء الاصطناعي، يثار الجدل حول تأثيره المحتمل على سوق العمل، خاصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات. فالذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا واسعة لفرص وظيفية جديدة، لكنه في الوقت ذاته يثير قلق العاملين من احتمالية فقدان وظائفهم بسبب الأتمتة والتقنيات المتقدمة.

 ارتفاع معدلات البطالة في قطاع التكنولوجيا

تشير تقارير حديثة إلى أن معدل البطالة في قطاع تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة ارتفع إلى 6% في أغسطس الماضي، مقارنة بـ 5.6% في يوليو، وفقًا لبيانات "جانكو أسوشيتس" المستندة إلى إحصاءات وزارة العمل الأميركية. وتبرز هذه الأرقام في وقت انخفض فيه معدل البطالة الوطني إلى 4.2% بعد إضافة الاقتصاد 142 ألف وظيفة.

الذكاء الاصطناعي... "الجاني الجديد"

يرى فيكتور جانولايتيس، الرئيس التنفيذي لشركة "جانكو أسوشيتس"، أن البطالة في قطاع تكنولوجيا المعلومات وصلت إلى أسوأ مستوياتها منذ انفجار فقاعة الإنترنت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي هو السبب الرئيسي وراء هذا "التغيير الزلزالي". ويشير إلى أن التسريحات في القطاع تتركز بشكل كبير في الأدوار التقليدية للتكنولوجيا، بينما تشهد مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وأمن الإنترنت نمواً ملحوظاً.

التحدي والفرصة

من جهة أخرى، يوضح ستيف وات، كبير مسؤولي تكنولوجيا المعلومات في شركة "هايلاند سوفت وير"، أن الطلب على الخبرات في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في تزايد مستمر. كما يشير فيكرام نافدي، كبير مسؤولي تكنولوجيا المعلومات في بنك "ويبستر"، إلى أن الشركات تبحث عن العاملين الذين يمكنهم تجهيز بيانات الشركة لاستخدامها في نماذج الذكاء الاصطناعي وتصميم الأدوات اللازمة لهذا الغرض.

 تحديات المهارات ورواتب العمالة

تواجه بعض العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، الذين تم تسريحهم، صعوبة في إعادة التوظيف بسبب فجوة المهارات وتوقعات الرواتب المرتفعة التي لم تعد متاحة. ومع استمرار التسريحات في شركات كبرى مثل "سيسكو سيستمز" و"إنتل" و"جنرال موتورز"، يظل توظيف العاملين في القطاع تحت الضغط، مع توقع المزيد من التوظيف في المجالات عالية النمو والتركيز على الابتكار.

الحاجة لتطوير المهارات

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي أن الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف الأدوار الوظيفية، مما يسمح للعاملين بالتركيز على المهام التي تتطلب الإبداع والتفكير النقدي. ويوضح أن الأفراد والمؤسسات بحاجة إلى تبني التغيير بشكل استباقي، من خلال تطوير المهارات اللازمة للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحسين الإنتاجية وتحقيق الكفاءة.

الفرص الجديدة في سوق العمل

ويشير الشناوي إلى أن الذكاء الاصطناعي يخلق أدواراً وظيفية جديدة تتطلب مهارات متخصصة في تطوير الذكاء الاصطناعي وإدارته، مثل مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات ومتخصصي التعلم الآلي. ويتوقع أن يكون سوق العمل في المستقبل مزيجاً من الأدوار الجديدة التي يولدها الذكاء الاصطناعي وتكييف الوظائف القائمة للتكامل مع هذه التقنيات.

الذكاء الاصطناعي... فرصة وليس تهديداً

من جهته، يرى خبير الموارد البشرية عبد الرحمن عريف أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل تهديداً لوظائف تكنولوجيا المعلومات بل يعد فرصة لإعادة تشكيل هذه الوظائف وتحديث المهارات والتقنيات. ويؤكد أن الجيل الجديد من العاملين في تكنولوجيا المعلومات يمتلك فرصاً واسعة للتأقلم مع تطور الذكاء الاصطناعي والاستفادة من الفرص الجديدة التي يوفرها.

المستقبل بين التكيف والابتكار

ختاماً، يؤكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يمثل تطوراً طبيعياً في مجال تكنولوجيا المعلومات، وأن نجاح العاملين في هذا القطاع يعتمد على قدرتهم على التكيف مع التقنيات الحديثة والاستمرار في التعلم والابتكار.


المصدر : Transparency News