أطل مؤخرًا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم، في خضم الفراغ الرئاسي والحرب المستمرة، مشيرًا إلى ضرورة تغيير قانون الانتخابات عبر اقتراح قانون انتخابي "وطني". لا شك أن الانتخابات النيابية تُعدّ الاستحقاق الأهم في الأنظمة الديمقراطية، وليس الشمولية، لكن أليس من المريب استذكار هذا الاستحقاق المهم في هذا التوقيت بالذات؟

إننا لا نستغرب اعتبار السيد هاشم أن القانون الانتخابي الذي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي قانونًا وطنيًا؛ فهذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها هاشم وفريقه هذا الطرح. فالـ"وطني" بالنسبة لهاشم هو القانون الانتخابي الذي يلغي التعددية ويضرب بعرض الحائط التركيبة اللبنانية؟ هو القانون الذي يكرس منطق الهيمنة والشمولية على حساب منطق الشراكة وصحة التمثيل؟

المجتمع اللبناني مجتمع مركب، لذا على قانون الانتخابات النيابية احترام هذا الواقع، وعلى المجلس النيابي احتضان وحفظ هذه الخصوصية. فتطبيق منطق "العدد" يهدد أسس الديمقراطية التشاركية ويمهد الطريق لهيمنة جماعة دينية معينة على جماعات أخرى، مما سيفقد هذه الجماعات شعورها بالأمان تجاه مستقبلها ووجودها. وبالتالي، سيؤدي إلى إفراغ الدستور وميثاق الطائف من هدفهما الأساسي، فضلًا عن خسارة لبنان لمفهومه كملاذ للحرية.

 

أما بالنسبة لتوقيت هذا التصريح، إذا كان هاشم يظن أن استحضار قانون الانتخابات النيابية بهذه الطريقة يمكنه من الضغط على "الآخر" السيادي من أجل الرضوخ لمشيئة محور الممانعة في لبنان، ولحرف الأنظار عن تعطيله للاستحقاق الرئاسي، فإنه مخطئ. إن إخافة الأحرار ودفعهم نحو الذمية أمر مستحيل، كما أن محاولة تشتيت الرأي العام أصبحت مكشوفة، وهي محاولة يعتمدها فريق هاشم من خلال طروحات تشبه طرحه الأخير.

في الختام، نثمّن لجوء هاشم إلى الدستور اللبناني كمرجع أساسي للبحث، خاصة في أوقات الشك والحيرة. ونشكره على حرصه على تطبيق الدستور بحذافيره، وندعوه للتعمق في أبوابه وفصوله ومواده، لعله يستنبط شيئًا من الوطنية ولو قليلًا.


المصدر : Transparency News